شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
تفاسير سور من القرآن
67404 مشاهدة
تفسير قوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .


قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قرأ هذه الحرف عامة القراء ما عدا نافعا قارئ أهل المدينة خَالِصَةً بنصب التاء، وقرأه نافع وحده خالصةٌ بضم التاء.
ومعنى الآية الكريمة أن الكفار لما حرموا على أنفسهم لبس الثياب في الطواف، وطافوا بالبيت عراة، وحرموا على أنفسهم أيام الموسم أكل الودك والسمن، وشرب اللبن، وأكل اللحوم.
قال الله جل وعلا موبخا مقرعا للذين يتعدون عليه ويحرمون ما لم يحرم: قُلْ يا نبي الله لهؤلاء الكفرة الجهلة الذين حرموا لبس الزينة عند الطواف، وحرموا أكل المذكورات وشربها في الموسم حال التلبس بالإحرام. مَنْ هو الذي حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ .
وهي اللباس الذي يستر العورة؛ لأنه لا حالة أقبح من أن يكون الإنسان بادي الفرج عاري العورة، هذا في غاية القبح. أما إن أعطاه الله ثيابا فجمل بها ظاهره، وستر بها قبحه وعوره، هذه زينة الله التي أخرجها لخلقه.
مَنْ هو الذي حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ كلبس اللباس الذي يجمع بين ستر العورة والتجمل عند الطواف وفي غيره. مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ أخرجها؛ أي أظهرها وأبرزها من العدم إلى الوجود بأن خلقها، ويسر أسباب تناولها؛ حتى صارت في متناولهم.
وحرم وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ الطَّيِّبَاتِ التي أحلها الله وطيبها كالودك حالة الإحرام، واللبن واللحم ونحو ذلك، من هو الذي حرم عليكم هذه المحرمات، والطيبات من الرزق. والله جل وعلا يشدد النكير على من حرم ما لم يحرم.
والآيات الدالة على ذلك كثيرة كقوله: قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ والآيات في مثل هذا كثيرة جدا.
فلما قال الله لنبيه: قل لهم يا نبي الله لهؤلاء المحرمين ما أحل الله: مَنْ هو الذي حرم هذا؟ وعلم أنه لا جواب لهم أمره بالجواب الصحيح، وهو قوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ .