إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
تابع لمعة الاعتقاد
51215 مشاهدة
الصراط حق

...............................................................................


ذكر بعد ذلك الصراط، وأن الصراط حق، يجوزه الأبرار يعني يجاوزونه، ويزل عنه الفجار، يمر الناس عليه.
ينصب الصراط على متن جهنم، يمر الناس عليه بأعمالهم، منهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاود الخيل والركاب، ومنهم من يعدو عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا. وعلى جنتبي الصراط كلاليب مثل شوك السعدان تخطف من أمرت بخطفه، فناج مسلم، ومخدوش ومكردس في النار؛ من اجتذب بتلك الكلاليب واختطف، سقط في النار. وهذا هو الورود المذكور في قول الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا يمرون على هذا الصراط فمنهم من يحس بلهبها ومنهم من لا يحس بذلك وروي أنها تقول للمؤمن: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي وأنهم يقولون بعدما ينجون: الله تعالى أخبر بأننا واردوها وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فأين هي؟ فقيل: إنكم مررتم عليها وهي خامدة. فهذا هو المرور.
فالصراط يجوزه يعني يجاوزه الأبرار، ذكر فيه أنه مسيرة ألف سنة؛ ولكن يقطعه المؤمنون في لحظات، وأنه أدق من الشعرة، وأحد من السيف؛ بمعنى أنه دقيق؛ ولكن يمشون عليه على قدر أعمالهم.