شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
تابع لمعة الاعتقاد
51226 مشاهدة
إثبات صفة الوجه لله تعالى

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك وقال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء. قال: أعتقها فإنها مؤمنة . رواه مالك بن أنس ومسلم وغيرهما من الأئمة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين كم إلها تعبد؟ قال: سبعة، ستة في الأرض، وواحدا في السماء! قال: ومن لرهبتك ورغبتك؟ قال: الذي في السماء. قال: فاترك الستة، واعبد الذي في السماء، وأنا أعلمك دعوتين. فأسلم، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي .
وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة، أنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء.
وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا وذكر الخبر إلى قوله: وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك .
فهذا وما أشبههه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله، ولم يتعرض لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله.
سئل مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه، فقيل: يا أبا عبد الله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ثم أمر بالرجل فأخرج.
ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم، يسمعه منه من شاء من خلقه، سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة، ومن أذن له من ملائكته ورسله.
وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه، ويأذن لهم فيزورونه.
قال الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا وقال سبحانه: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي وقال سبحانه: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وقال تعالى: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ وقال: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وغير جائز أن يقول هذا إلا الله.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عبد الله بن أنيس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يحشر الله الخلائق يوم القيامة، حفاة، عراة، بهما. فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك.. أنا الديان.. رواه الأئمة واستشهد به البخاري.
وفي بعض الآثار: أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار، فهالته، وفزع منها، ناداه ربه: يا موسى فأجاب سريعا، استئناسا بالصوت: لبيك.. لبيك..، أسمع صوتك ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك، وورائك، وعن يمينك، وعن شمالك. فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى قال: فكذلك أنت يا إلهي، أفكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي يا موسى.


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
لما ذكر المقدمة ذكر بعد ذلك الأدلة على الأمثلة من الصفات. فصفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين: صفات ذاتية، وصفات فعلية.
والصفات الذاتية: هي التي تلازم الموصوف، لا ينفك عنها دائما. كصفة الوجه، وصفة اليد، وصفة العين، وصفة النفس، فهذه تسمى صفات ذاتية أي أنها جزء من الذات.
وأما الصفات الفعلية: فهي التي يفعلها إذا شاء، وليست ملازمة لذاته، كصفة المحبة والرضا والغضب والكراهية والبغض، وصفة النزول والمجيء، وهذه تسمى صفات فعلية.
بدأ بالصفات الذاتية؛ وذلك لأنها ملازمة للذات، فمنها:
صفة الوجه، قال الله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ نثبت لله تعالى هذه الصفة كما يشاء ولا نشبهها.

أن الله تعالى أثبت لنفسه الوجه، وكذلك أثبته النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها:
قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور؛ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه أثبت لله تعالى الوجه.
وثبت أيضا في الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: جنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما. وجنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن على وجهه، أثبت لله تعالى الوجه.
وفي الدعاء المأثور أنه كان يقول: وأسألك لذة النظر إلى وجهك صريح في إثبات الوجه.
وكذلك في القرآن كثير، كقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وكقوله تعالى: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وكقوله: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وقوله: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه وأشباه ذلك.
فإذا قرأها المؤمن علم أنها صفة حقيقية، وعلم أن الذين يعملون لوجه الله تعالى يطلبون رضاه، ويرجون النظر إلى وجهه الكريم، منهم: أبو بكر نزل فيه قوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى يعني: أنه يزكي ماله، ويتصدق به، يبتغي وجه ربه الأعلى.
فهذا ونحوه.. دليل واضح على أن هذه الصفة صفة ذاتية ثابتة للرب سبحانه وتعالى.