شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
تابع لمعة الاعتقاد
63534 مشاهدة
الكلام في المشكل من النصوص

...............................................................................


يقول: وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا، وترك التعرض لمعناه -أي لتأويله ولصرفه عن مدلوله، أما المعنى الحقيقي فإنهم يثبتونه، يثبتون معناه، فيعرفون أن السمع: إدراك الأصوات. وأن الله تعالى سميع، يسمع دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في ظلمة الليل، وأنه بصير يري جريان الماء في عروق الأشجار، وأن البصر: هو إدراك المبصرات. وأن العلم: هو إدراك المعلومات. وما أشبه ذلك. فهم يثبتون المعاني.
وأما قوله: ترك التعرض لمعناه: فلعله يريد ترك التعرض لتأويله، أو ترك التعرض لتشبيهه، أو ما أشبه ذلك، أو ترك التعرض لتكييفه. نعرف أن صفات الله تعالى ثابتة؛ ولكن لا نقدر على تكييفها، ولا يصل إليها أفهام البشر؛ بل يثبتونها ويعجزون عن إدراك كيفيتها، وعن إدراك كنهها وماهيتها؛ بل حتى عن إدراك كنه مخلوقاته، نحن نرى هذا القمر؛ ولكن لا ندري من أي شيء هو، هل هو من ذهب هذا القمر، أو أنه من فضة، أو أنه من زجاج، أو أنه من حجارة، أو من تراب؟ هذا القمر الذي نشاهده عجزنا عن إدراك ماهيته، ومن أي شيء هو.
وكذلك هذه الشمس التي تطلع علينا كل يوم، لا ندري من أي شيء هي؛ تصل إلينا حرارتها وشعاعها؛ ومع ذلك نعجز عن أن ندرك ماهيتها، ومن أي شيء هي؟ هل هي نار تشتعل تصل حرارتها إلينا؟ أم هي وبأي شيء تتقد؟ بأي شيء وقودها؟ النار إذا أوقدناها وأكلت ما فيها من الوقود انطفأت، وهذه الشمس دائما وهي تشتعل؛ ومع ذلك لا ندري بأي شيء وقودها، لا ندري ماهيتها، فإذا عجزنا عن إدراك ماهية هذه المخلوقات؛ مع أنها مخلوقات نشاهدها بالأبصار، فكيف مع ذلك نصل إلى معاني؛ يعني إلى كيفية صفات الله تعالى؟ نحن نعرف أن الله تعالى فوق العباد بذاته، ونعرف أنه استوى على العرش؛ ولكن كيفية الاستواء لا نعرفها، ونعرف أن لله تعالى عرش عظيم؛ ولكن من أي شيء هذا العرش؟ من جوهر، من ذهب، من تراب، من خشب، من زجاج؟ لا ندري، الله أعلم بذلك. عجزنا عن إدراك ماهية هذه المخلوقات، فبطريق الأولى عن إدراك كيفية صفات الله سبحانه وتعالى.
يقول: ونرد علمه إلى قائله: يعني: تكييفه إلى قائله، يعني إلى الله تعالى، وإلى رسوله.
ما ورد إلينا من الكنه والكيفية نقول: الله ورسوله أعلم. ونجعل عهدته على ناقله إن كان فيه شيء من الخطأ، فالعهدة على الذين نقلوه، إذا وثقنا بأنهم صادقون قبلنا ذلك، وإذا شككنا فيه نقول: هكذا ورد، فنصدقهم؛ لكونهم هم الذين نقلوا الشريعة لنا، نجعل عهدته على ناقله؛ اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله تعالى عليهم في كتابه المبين بقوله تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا يعني: آمنا بما جاء من المتشابه الذي نعجز عن كيفيته، المتشابه الذي يشتبه علينا كيفيته وماهيته فنقول: آمنا به كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا هكذا طريقة الراسخين في العلم.