إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48345 مشاهدة
الإنابة في رمي الجمار

وسُئِل أمد الله في عمره بالطاعة:
هل يجوز للمرأة أن تنيب في رمي الجمرات خشية زحام الرجال ولو كانت صحيحة؟
فأجاب:
ينظر في الحالات المقترنة بهذا، فإذا كان هناك وقت يشتد فيه الزحام، ولم تتفرغ في غيره، فلها أن تنيب، والحقيقة أنه في يوم العيد يغلب عدم الزحام، وذلك لسعة الوقت، فإن أكثر الناس يرمون آخر الليل وأول النهار ويخف بذلك الزحام في آخر النهار، فلها أن تؤخره ولا تنيب كأن تؤخر الرمي إلى آخر النهار، وترمي بنفسها، حتى تباشر العمل وتذكر الله عند الرمي ونحو ذلك.
أما اليوم الحادي عشر والثاني عشر فإن الوقت فيه قصير؛ حيث يبدأ من الظهر إلى الغروب، وإن أجاز بعض العلماء ذلك إلى نصف الليل أو آخره، لكن الاحتياط أنه ينتهي بغروب الشمس، وهذا الوقت قصير فقد تكون المرأة منشغلة، وقد يشتد الزحام، ففي هذه الحال لها أن تنيب؛ لكن الأفضل أن تتأخَّر إلى اليوم الثالث عشر إذا لم يتعجَّل أهلها.
فإذا تأخرت ففي هذا اليوم يخف الناس ولا يبقى إلا القليل، فترمي عن الأيام الثلاثة مرتبة فترمي ثلاث الجمرات عن اليوم الحادي عشر، ثم ترجع وترميها عن اليوم الثاني عشر، ثم ترجع وترميها عن اليوم الثالث عشر، وهذا أفضل كما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- الرعاة الذين يذهبون لرعي الدواب، كانوا يرمون أول اليوم ثم يؤخرون رمي يومين يرمونهما في اليوم الثاني عشر.