إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48346 مشاهدة
السعي بين الصفا والمروة

وبعد أداء ركعتي الطواف يخرج إلى المسعى ، فإن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة.
وقد ذكر الله تعالى أن الصفا والمروة من شعائر الله، فقال تعالى : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (سورة البقرة ، الآية:158)
وهكذا بقية الأماكن فإنها تسمى شعائر، كما في قوله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (سورة الحج ، الآية:32) .
والسعي بين الصفا والمروة يسمى طوافا وهو إحياء لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي
ويشرع الخروج إلى المسعى من جهة الصفا، فإذا دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (سورة البقرة ، الآية:158) ثم قال أبدأ بما بدأ الله به.
ثم يرقى الصفا حتى يرى البيت فيستقبله وإن وقف عند الصفا أجزأه.
ويرفع يديه فيوحد الله ويكبره ويحمده ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
ثم يدعو بعد ذلك بما تيسر من الدعاء فيدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ويكرر هذا الذكر وهذا الدعاء ثلاث مرات ، فإن هذا من مواضع الدعاء الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المناسك.
ولا بأس أن يدعو بغير هذا الدعاء ، ولكن الأفضل اتباع السنة وما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .
بعد ذلك ينزل من الصفا متوجها إلى المروة حتى يصل إلى العلم الأخضر، ويشرع للرجل أن يسعى سعيا شديدا يعني: يركض ركضا، حتى يصل إلى العلم الثاني، ويحرص المسلم على عدم إيذاء إخوانه المسلمين ، أما المرأة فلم يشرع في حقها إلا المشي فقط فإنها عورة.
فإذا وصل إلى المروة رقى عليها ويستقبل القبلة فإنه من السنة، ويقول ويفعل كما قال وفعل عند الصفا ثم ينزل من المروة إلى الصفا وهكذا يمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه.
والسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط مبتدئا بالصفا ومنتهيا بالمروة فمن الصفا إلى المروة يعد شوطا ، ومن المروة إلى الصفا يعد شوطا آخر.. وهكذا حتى يتم سبعة أشواط.
ويشرع أن يشغل سعيه بالذكر والدعاء والقراءة بما تيسر، وليس للسعي بين الصفا والمروة دعاء خاص ، وإن دعا في السعي فقال: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم فلا بأس لثبوته عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم.
ولا تجب الطهارة للسعي ، والطهارة أفضل، وهكذا المرأة لو حاضت أو نفست بعد الطواف أجزأها السعي على غير طهارة.

وليحذر من مزاحمة النساء الأجنبيات ونحوهن ، أو تعمد النظر إلى العورات ، أو إلى الزينة المنهي عنها ، أو ما أشبه ذلك .
وهكذا النساء فعليهن أن يتقين الله عز وجل ، وألا يزاحمن الرجال، لا في المطاف، ولا في السعي، ولا عند الجمرات، ولا في غيره من المشاعر.
الحلق أو التقصير : وبعد أداء السعي بين الصفا والمروة يشرع لمن أحرم بالعمرة أو كان متمتعا أن يحلق أو يقصر والحلق أفضل، فإنه -صلى الله عليه وسلم- دعا للمحلقين بالرحمة - وفي لفظ: بالمغفرة - ثلاث مرات، وللمقصرين مرة .
أما إذا كان وقت الحج قريبا بحيث لا يطول فيها الشعر، فإن الأفضل في حقه التقصير، فإن قصر فلا بد من تعميم التقصير ، ولا يكفي تقصير بعضه، كما يفعله بعض الجهلة.
وبالحق أو التقصير من المعتمر أو المتمتع يكون قد تحلل من عمرته وحلَّ له كل شيء حرّم عليه بالإحرام.
أما المفرد أو القارن الذي ساق الهدي فإنهما يبقيان على إحرامهما ولا يقصران أو يحلقان حتى رمي جمرة العقبة يوم العيد.