اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
34023 مشاهدة
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين .


هكذا جاء هذا الحديث كمثال، ومعناه في الظاهر أن الإنسان العاقل إذا مر بجحر فخرجت منه حية فلدغته ثم عالجها؛ فإذا مر مرة أخرى ابتعد عن هذا الجحر، وحذر منه أخذ حذره، قال: من هذا أصبت. هذا الجحر هو الذي أصبت منه، فيبتعد عنه، فلا يمكن إذا كان عاقلا حازما أن يتغافل مرة أخرى ويأتي إليه فتخرج منه حية أخرى وتلدغه؛ هذا يكون غير حذر وغير حازم. عادة أن العاقل إذا لدغ يكون حذرا، ولذلك يقول بعضهم:
وإذا امـرؤ لسعتـه أفعـى مـرة
تركتـه حيـن يُجرّ حبـل يفـرق
إذا لدغه حية أو أفعى فإنه يفرق إذا رأى حبلا أو نحو ذلك.
هذا هو لفظ الحديث ولكن معناه: أن المؤمن يكون حذرا في أموره، فلا يمكن أن يخدع مرتين؛ فإذا خدعه إنسان مرة وأوقعه في مصيبة فإنه يحذر من هذا الإنسان ويقول: لا أثق بك فقد خدعتني في المرة الأولى. إيمانه يعرف منه عداوته هذا المخادع، ولا شك أنه يدخل في ذلك مثلا ما فيه ضرر ديني أو ما فيه ضرر دنيوي والناس يتفاوتون في ذلك.