اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
33985 مشاهدة
باب اجتناب ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه

قال رحمه الله: باب اجتناب ما نهى رسول الله عنه وبيان ...
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنّ أُناسا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا نَبِيّ اللّهِ إِنّا حَيّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفّارُ مُضَرَ، وَلاَ نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلاّ فِي أَشْهُرِ الْحُرْمِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَربَعٍ: اعْبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، وَأَقِيمُوا الصّلاَةَ، وَآتُوا الزّكاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ. وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدّبّاءِ، وَالْحَنْتَم، وَالمُزَفّتِ، وَالنّقِير. قَالُوا: يَا نَبِيّ اللّهِ مَا عِلْمُكَ بِالنّقِيرِ؟ قَالَ: بَلَى جِذعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ -قَالَ سَعِيدٌ أَوْ قَالَ: مِنَ التّمْرِ- ثُمّ تَصُبّونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، حَتّى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حَتّى أَنّ أَحَدَكُمْ (أَوْ إِنّ أَحَدَهُمْ) لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمّهِ بِالسّيْفِ. قَالَ: وَفِي الْقَومِ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ. قَالَ وَكُنْتُ أَخْبَأُهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: فِي أَسْقِيةِ الأَدَمِ، الّتِي يُلاَثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ أَرْضَنَا كَثِيرَةُ الْجِرْذَانِ، وَلاَ تَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الأَدَمِ. فَقَالَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ. قَالَ: وَقَالَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لأَشَجّ عَبْدِ الْقَيْسِ إِنّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبّهُمَا اللّهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ .


هذا حديث وفد عبد القيس، وقد تقدم في أول من كتاب الإيمان.
في هذه الرواية أنه لم يذكر الإيمان بل قالوا له: مرنا بأمر نعمل به، ونأمر به من وراءنا؛ فأمرهم بأركان الإسلام العملية والصلاة والزكاة، بالتوحيد والصلاة والزكاة والصيام وأداء الخمس من الغنيمة، ونهاهم عن هذه الأوعية التي كانوا ينبذون فيها؛ يعني يطرحون فيها ماء وتمرا ثم يتغير ذلك الماء فيصير مسكرا فيشربونه، ربما إذا سكر أحدهم قتل من حوله أو جرح من حوله بعد سكره.
فأمرهم بأن يشربوا في الأسقية أوعية الأدم، الأدم هي الجلود. يقول: انبذوا في الأسقية في القربة وفي السقاء، ذكروا أن بلادهم يكثر فيها الفأر، والفأر يخرق السقاء ويهراق منه الماء أو الشراب الذي فيه، فقال: وإن أكلت الفئران يعني عليكم أن تتحفظوا فيها.
وقد ذكرنا أن هذا كان في أول الأمر، ثم رخص لهم بعد ذلك في أن ينبذوا فيما شاءوا ولا يشربوا مسكرا، قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ في الحنتم وفي الدباء والنقير فانبذوا فيما شئتم غير ألا تشربوا مسكرا يعني يجوز لهم أن يجعلوا تمرا في ماء سواء في دباء أو في حنتم أو في نقير، ولكن يتوقوا الشراب الذي بلغ حد الإسكار.