شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
33996 مشاهدة
الإيمان أفضل الأعمال

عَنْ أَبِي ذَرَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَيّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ بِالله وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ. قَالَ: قُلْتُ: أَيّ الرّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَعْلاَهَا ثَمَنا. قَالَ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: تُعِينُ صَانِعا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: تَكُفّ شَرّكَ عَنِ النّاسِ، فَإِنّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ .


هكذا حرص هذا الصحابي رضي الله عنه على أفضل الأعمال، أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الخصال، أن أفضل الأعمال الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله، فالإيمان بالله لا شك أنه يستدعي طاعة الله وعبادته، وفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، واتباع شريعته، والعمل بأمره، وترك ما نهى عنه، واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك الجهاد؛ أي القتال في سبيل الله، فإنه داخل في الإيمان بالله ولكن خصه بأنه من أشرف الأعمال، قد يدخل فيه أيضا؛ في الجهاد في سبيل الله بذل الجهد في كل ما يقرب إلى الله تعالى.
ثم قال: أي الرقاب أفضل؟ أي لمن أراد أن يعتق رقبة، فقال: أنفسها وأغلاها ثمنا، إذا بذل الثمن فيها كان ذلك أكثر، فيكون الأجر فيها أكثر.
أبو ذر قد يكون عاجزا عن شرائها، فسأل إذا لم أجد ما أعتق به رقبة. فقال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق أي تعين المسلمين على شيء من أعمالهم، إذا رأيت مثلا من لا يحسن عملا فعملت له وأعنته على ذلك فأنت على خير، يعني مساعدة المسلم على حرفته أو على صنعته.
أبو ذر قد يكون مثلا غير قادر على ذلك، قال: إن عجزت ماذا أفعل؟ قال: تكف شرك عن الناس فهو صدقة منك على نفسك أي لا تؤذ أحدا لا بلسانك ولا بعينك ولا بيدك ولا برجلك، ولا تؤذهم في أموالهم ولا في أنفسهم، ولا في محارمهم ولا في أموالهم ولا في خصائصهم، فإن ذلك صدقة منك على نفسك.
فلا شك أن هذا إرشاد منه صلى الله عليه وسلم إلى أفضل الخصال التي يعمل بها المسلم ليكون من أهل الخير، وأن من أولاها الإيمان بالله، وأن الإيمان بالله تدخل فيه الأعمال، ولذلك يقول أهل السنة: إن الإيمان بالله يعم الأعمال الصالحة كلها؛ فالصلوات والزكوات من الإيمان، والصدقات والصيام والحج والجهاد والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبر والصلة وإحسان الجوار مثلا، والنصيحة للمسلمين، وأعمال الخير كلها داخلة في مسمى الإيمان، فمن دان بها فإنه يكون من المؤمنين، وكذلك التروك، ترك المنكرات كلها، إذا تغلب على نفسه وفطم نفسه كان ذلك من جملة الإيمان.