شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
33988 مشاهدة
آية الإيمان حب الأنصار وبغضهم آية نفاق

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: آية الإيمان حب الأنصار وبغضهم آية نفاق.
عن البراء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله .


الأنصار هم أهل المدينة الذين أسلموا في المدينة وسموا أنصارا؛ لأنهم نصروا الله ورسوله، نصروا المؤمنين لما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في العقبة بمكة قالوا: إنا ننصرك كما ننصر أهلينا وأبناءنا وأموالنا، فسماهم الأنصار، وهم قبيلتان بالمدينة من العرب من الأوس والخزرج؛ قبيلتان كانوا في المدينة وكان عندهم قبائل من اليهود؛ قبيلة بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة.
فكان اليهود أهل كتاب وعندهم علم بأن النبي صلى الله عليه وسلم سوف يخرج، ولكن يتحرون أن يكون منهم، فكانوا يتوعدون الأنصار ويقولون: قد أظلكم زمن نبي وسوف نقاتلكم معه، فدائما وهم يتوعدون الأنصار.
فلما كثر توعدهم ودعاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عرفوا صفاته، وقالوا: هذا هو النبي الذي يتوعدنا به اليهود، فهلموا فلنؤمن به قبل أن يؤمنوا ولنكن من السابقين، فسبقوا إلى الإيمان به، وبايعوه، والتزموا أن ينصروه، وطلبوا منه أن يهاجر إليهم، وإذا هاجر أن ينصروه مما ينصرون منه أبناءهم ونساءهم؛ فسماهم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار، ولما هاجر إليهم المهاجرون واسوهم بأموالهم، وقالوا: نحن نشتغل في الأموال والثمرة بيننا وبينكم، فكانوا يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، فزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بأنهم من أنصار الله تعالى، وبأن من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله. لا يحبهم حبا قلبيا إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق.
اشتهر فيهم رواة حديث كثير، واشتهر فيهم رؤساء كثير؛ فمنهم سيد الأوس سعد بن معاذ ومنهم سيد الخزرج سعد بن عبادة وأسيد بن حضير من الأوس، جعفر بن عبد الله من بني سلمة، أنس بن مالك أبو سعيد الخدري الأنصار كثير؛ هؤلاء من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغصه الله.