اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
محاضرات في الزواج
12639 مشاهدة
الفسخ قبل الدخول وبعده

ولا فسخ إلا بحاكم فإن فسخ قبل دخول فلا مهر وبعده لها المسمى يرجع به على مغر.


يقول: الفسخ للعيب لا بد أن يكون عند القاضي. لا يفسخه إلا القاضي؛ وذلك لأنه قد يكون هناك ما ليس بعيب، والقضاة هم الذين عندهم معرفة؛ معرفة العيوب التي يحكمون بأنها عيب؛ كمرض وشلل وطمث وقروح وما أشبه ذلك، وقد لا تكون عيوبا، فلا بد أن القاضي هو الذي ينظر في هذه المسألة.
ثم إذا حكم بفسخ؛ فإن كان الفسخ قبل الدخول فليس لها من المهر شيء؛ لأنه ما حصل عليها ضرر. إذا ثبت أن بها عيب كبرص أو جنون أو جذام أو شلل أو عرج أو عمى أو عور؛ يعني: شيء ينفر منها، وعلم ذلك قبل أن يدخل بها وبعد العقد، ثم ترافعا إلى القاضي، وثبت العيب؛ فلا فسخ.
وكذلك لو ثبت فيه عيب هو، لو اتضح أنه أبرص أو مجذوم، أو فيه مرض خفي كجنون أو برسام، أو ما أشبه ذلك، وعرفت ذلك، وترافعوا عند القاضي، وحكم بالفسخ وكان قبل الدخول؛ ففي هذه الحال ليس لها مهر. وأما إذا كان الفسخ بعد الدخول سواء كان العيب منه أو منها؛ فإنه يثبت لها؛ يثبت لها المهر المسمى، فإذا لم يكن هناك مهر مسمى فلها مثل مهر أمثالها، ويرجع به على من غره.
إن كان العيب منه؛ بأن كان –مثلا- اتضح أنه عنين، أو أنه خصي أو مجبوب، أو اتضح أن به –مثلا- جنونا أو مرضا خطيرا، ثم ترافعا إلى القاضي بعدما دخل بها؛ استقر لها المهر، وفسخ القاضي العقد، ولا يطالبها بشيء، بل يكون هو الذي خدعها؛ فليس له -والحال هذه- أن يطالبها بشيء؛ لأنه هو الذي غرها.
ثم إذا كان العيب فيها، وحكم القاضي بالفسخ، وكان ذلك بعد الدخول ثبت لها المهر، ثم يرجع به على من ضره؛ إما على الواسطة الذي توسط له، وإما على الولي الذي أخفى ذلك العيب.
يقول: أنا ما ظننت فيها هذا العيب، ولا علمت به، وهذا العيب منفر لا يمكن أن تطمئن الحياة وفيها هذا الخلل. والآن قد دفعت المهر، ومَلَكَتْه بالدخول؛ فأين يذهب مالي؟! في هذه الحال؛ الأصل أنه يرجع به على من خدعه، وعلى من غره، سواء كان أجنبيا أو كان من أولياء الزوجة.