تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
محاضرات في الزواج
12630 مشاهدة
الغلو في المهور

وكذلك أيضا الكثير من الآباء -هداهم الله- يشترطون على الزوج شروطا تثقل كاهله فيفرض عليه -مثلا- صداقا ثمانين ألفا، أو أكثر أو أقل، ولا شك أن هذا مما يعزف عنها الشباب إذا اشترط أبوها هذه الشروط، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير إذا تقدم إليكم الكفء الكريم الذي ترضون دينه، وخلقه، وأمانته، وتثقون بأنكم إذا زوجتموه سيكفل ابنتكم، وسيقوم بحاجتها، ويحفظها، ويعفها، ويسكنها، ويقوم بما تتطلبه من الحاجات المباحة فزوجوه ولا تردوه ولو كان فقيرا، فالله تعالى يغنيه كما وعد بذلك إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ولا تشترطوا هذه الشروط التي تثقل كواهل الشباب، وتحول بينهم، وبين أن يتزوجوا فإنكم بذلك تحرمون أنفسكم، وبناتكم، وأبناءكم من هذا الأمر الذي أمر الله تعالى به وهو النكاح.
فلا يجوز أي للولي أن يشترط هذه الاشتراطات، ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خير النساء أيسرهن مؤونة يعني: كلفة في النفقة، وفي الصداق ونحوه، وأنه لما جاءت امرأة من المهاجرات قام رجل وقال: يا رسول الله زوجنيها فقال: اعطها شيئا التمس ولو خاتم من حديد ولو خاتم يعني: لو وجد خاتما من حديد لزوجه، ولما لم يجد زوجه على تعليم القرآن قال: علمها عشرين آية وجعل ذلك كالصداق لها؛ وذلك لأن المرأة لا بد لها من صداق لقول الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ولقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ .
ولكن يشرع تخفيفه -تخفيف الصداق- كان المتقدمون يتزوج أحدهم على ريال -الريال الذي كانوا يتعاملون به- أو على خمسة ريالات، أو ما أشبهها قد يتزوج على فراش يدفعه، وكسوة، وما أشبهها، فجاء هؤلاء فشددوا على أنفسهم فكان ذلك سببا لعنوس كثير من البنات، ولتعنت عنت كثير من الشباب فنقول: إن على أولياء الأمور أن يسهلوا هذه الأمور، وأن لا يشددوا على أنفسهم فيحصل من ذلك الفساد الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير إذا منعوا بناتهم، وأبناءهم حصل ما يحصل من الفساد.
من ذلك ما اشتهر أن كثيرا من الشباب وقعوا على محارمهم، -والعياذ بالله- لما لم يجدوا ما يعفهم وقعوا على المحارم، فعلى هذا نقول: علينا أن نسهل أمر هذا النكاح الذي هو سنة مؤكدة.