الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
محاضرات في الزواج
12632 مشاهدة
حكمة مشروعية النكاح

الله .. نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن والاه يتجدد لقاؤنا في هذه الليلة المباركة مع شيخنا المبارك ليتحفنا بما يفتح الله عز وجل عليه في موضوع من أحكام الزواج.
تعلـم فـإن العلـم أزين للفـتى
مـن الحلـة الحسـناء عند التكلـم
أسأل الله أن يفتح على شيخنا، وأن ينفعنا وإياكم بما نسمع فليتفضل مشكورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد…
فإن الله سبحانه وتعالى ركب في الإنسان هذه الشهوة الجنسية، والحكمة في ذلك استمرار هذا النوع الإنساني، وبقاؤه إلى أن يأتي الأجل الذي يأذن الله تعالى فيه بفناء هذه الحياة الدنيا، فهذه الشهوة تحمله على طلب النكاح، وعلى طلب الوطء، وتدفعه، وفي كل من الجنسين الرجال والنساء هذه الشهوة التي يحصل منها الاندفاع إلى هذا الجماع.
لا شك أنه أن الله تعالى له الحكمة في ذلك، وهذه سنته في جميع خلقه حتى في الوحوش، وفي البهائم، وفي الطيور، وفي الحشرات، وما أشبهها جعل الله بينها هذا التزاوج حتى تتوالد من جنسها، وحتى يبقى كل نوع، وحتى يوجد ما قدر الله تعالى خلقه، وقدر إيجاده.
وإذا كان كذلك فإن الإنسان له خصوصية، وهو أنه يترتب على هذا الوطء وهذا الجماع يترتب على ذلك وجود هذا التوالد، ووجود هذا الحمل، والولادة، ومعلوم أن الأولاد إذا لم يكن لهم من يضمهم، ومن يحتضنهم، ومن ينفق عليهم فإنهم يضيعون، ولا يعرفون من هم، ولا يجدون من يربيهم؛ فلأجل ذلك شرع الله التزاوج الذي هو نكاح حلال، فأباح وشرع النكاح الحلال؛ ليستغنى به عن الوطء الحرام.
وذلك لأن هناك من جنس بني آدم من لا يحلون ولا يحرمون، ولا يفرقون بين الزوجة، وبين الأخت، وبين القريبة والبعيدة فينكحون ما يشاءون، ويجامع أحدهم أخته، أو قريبته، أو البعيدة، وكذلك لا يتوقفون عند عدد بل يطأ كل ما يريد، وكل من يشتهي، وإذا ولد لهم الأولاد، لم يبالوا بهم، ولم يعرف الرجل أولاده، ولم يعرف الولد أباه، ولا من ينتسب إليه ولا أمه بل من حين يولد وهو ملقى يعطى من يحتضنه مدة بقاء حاجته إلى الرضاع والحضانة، ثم بعد ذلك لا يلتفت إليه بل يقال له: أصلح نفسك وعش كما تشاء أو اهلك ولا يدري لماذا ولد ولا لماذا خلق، لا شك أن هذا ينافي حكمة الله سبحانه وتعالى.
ذكروا أي في صفة التتار الذين خرجوا في القرن السابع وما بعده، وقاتلوا المسلمين في خراسان وفي العراق وفي غيرها أنهم لا يحللون ولا يحرمون وأن المرأة يطؤها كل واحد يريدها، يقوم هذا ويقعد، ويجلس عليها هذا، وأنها إذا حملت ربت ولدها، أو أعطته من يربيها ثم حملت مرة ثانية، وهكذا فمثل هؤلاء أشبه بالبهائم، وقد يكونون أقل حالة من البهائم، ومن الطيور، ونحوها فإن البهيمة كالشاة، والبقرة، والناقة، والفرس، ونحوها تحن على أولادها ما داموا بحاجتها، ما داموا صغارا، وأما هؤلاء فلا تحن المرأة على ولدها بل تلقيه، وتعطيه من يصلحه.
أما الإسلام فقد جاء بشرعية هذا النكاح ورغب فيه، وحرم الزنا، وشنع في تحريمه لما يترتب عليه من المفاسد، وسماه فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا وعاقب عليه جعل عقوبته من أشنع العقوبات، وهي أن يرجم إذا كان محصنا، يرجم بالحجارة حتى يموت، ومع ذلك فإنه رغب في النكاح وحث عليه.