لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
36693 مشاهدة
حكم أهل الفترات

[س 27]: هل من مات من النصارى، وهو لم يسمع عن الدين الإسلامي من أهل النار ؟ وما الحكم إذا كان قد سمع أخبارا غير صحيحة عن الدين الإسلامي، ومات على حاله، ولم يسلم بسبب ما سمع؟
الجواب: من لم تبلغه الدعوة ولم يسمع بالإسلام أصلا فحكمه حكم أهل الفترات الذين لم يبعث إليهم رسول، ولم يصل إليهم خبر الرسالة، والصحيح فيهم أنهم يختبرون في الآخرة، فروى أحمد في المسند عن الأسود بن سريع، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة، فيأخذ مواثيقهم ليطيعن، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فلو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما . وفي حديث عنده عن أبي هريرة، قال في آخره: فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن لم يدخلها سحب إليها . وفي مسند أبي يعلى عن أنس مرفوعا: يؤتى بأربعة: بالمولود وبالمعتوه، وبمن مات في الفترة والشيخ الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تعالى لعُنُقٍ من النار. ابرز، ويقول: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه، فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب أنى ندخلها، ومنها كنا نفر؟ ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعا، فيقول الله تعالى: أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار . وقد وردت فيهم أحاديث ذكرها ابن كثير عند قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وذكرها ابن القيم في طريق الهجرتين في طبقات المكلفين .
ولا شك أن دين الإسلام قد انتشر في أول ظهوره وسمع به أهل المشرق والمغرب، وبلغ ما بلغه الليل والنهار، فلا عذر لمن سمع به وعاند ولم يقبله، ولا عذر أيضا لمن سمع أخبارا سيئة عن الإسلام والمسلمين فإن عليه أن يبحث ويسأل، فإذا لم يفعل مع القدرة اعتبر مخلا بالواجب عليه، والله أعلم.