جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
فتاوى الزكاة
110607 مشاهدة
صرف الزكاة لآل محمد وهم بنو هاشم

لا تحل الزكاة لآل محمد صلى الله عليه وسلم ولا لمواليهم، وآل النبي - صلى الله عليه وسلم - هم بنو هاشم، وكثير من العلماء قالوا: وبنو المطلب، وذلك لأن عبد مناف هو أبو هاشم وأولاده أربعة: هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل فأما بنو هاشم فهم الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو المطلب من ذرية عبد مناف، فلما حصر بنو هاشم في الشعب دخل معهم بنو المطلب، وقالوا: أنتم إخواننا ولا نرضى أن نتخلى عنكم؛ فلذلك أعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفيء ومن الغنيمة، وجعل لهم هذا الحظ، وجعلهم من ذوي القربى المذكورين في قوله تعالى: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ولم يعط بني نوفل ولا بني عبد شمس؛ لأنهم لم يناصروهم، فقال في بني المطلب: إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام .
وقد اختلف العلماء هل يحرمون من الزكاة لفقيرهم أو يعطون من الزكاة؟ فكثير منهم قالوا: ما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يولهم على الزكاة، ولم يعطهم من الزكاة، واقتصر على إعطائهم من الخمس ومن الفيء، فإن ذلك دليل على أنهم مثل بني هاشم. والراجح أنهم ليسوا مماثلين لهم، وأن الحكم يختص ببني هاشم، وأن بني هاشم هم الذين يسمون بذوي القربى. وقد اختلف أيضا العلماء اختلافا آخر في ذوي القربى؛ فذهب بعضهم إلى أن ذوي القربى هم أقارب الخليفة، ولو لم يكن من بني هاشم، فلما كانت الخلافة في بني أمية كانوا يستبدون بهذا القسم الذي هو سهم ذوي القربى، فيقولون: نحن ذوي قربى، ولما آلت الخلافة إلى بني العباس، فبنو العباس من بني هاشم، استعادوا سهمهم الذي هو سهم ذوي القربى.
والحاصل أن بني هاشم لا يعطون من الزكاة ، وقد علل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أوساخ الناس ، فلا تحل لهم، حتى إن الحسن مرة أخذ تمرة من صدقة فوضعها في فمه، فلم يتركها النبي عليه الصلاة والسلام حتى أخرجها وعليها ريقه، وألقاها في الصدقة؛ بقوله: كخ كخ! إنها لا تحل لنا مع كونه طفلاً، ولما وجد تمرة في الطريق قال: لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها فلم يأكلها خشية أن تكون من الصدقة. فكل ذلك دليل على تورعه عليه الصلاة والسلام، ثم علل بقوله: إن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم عن الصدقة .
وقد اختلف الآن هل يعطون أو لا يعطون؟ وذلك لأنهم الآن قد يكونوا محرومين من بيت المال، ومن خمس الخمس، ومن الفيء، ولا يأتيهم شيء، ويعتري كثيرا منهم غرامات وديون، ويحتاجون إلى أن يعطوا ما يخفف عنهم، وقد لا يجدون من يعطيهم إلا من الزكاة؛ فلذلك رُخّص لهم عند الحاجة، ولطول الزمان، فبينهم وبين النبي صلى الله عليهو سلم نحو ثلاثين جداً، فكيف يصيرون من ذوي القربى مع بعد النسب؛ لذلك رأى بعض العلماء إنهم يعطون عند الحاجة. أما الموالي فدليله حديث أبي رافع لما قال له رجل: اصحبني حتى تصيب من الصدقة، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنها لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم .
والصحيح أنها خاصة بالأقرباء الذين في ذلك العصر، فأما المتأخرون إذا احتاجوا فإنهم يعطون ما يسد حاجتهم.