الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
32274 مشاهدة
باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة


قال رحمه الله: باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل قال: كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي –صلى الله عليه وسلم-يتخولنا بها مخافة السآمة علينا.


هذا حديث ابن مسعود الذي تقدم ذكر أنه كان يذكرهم كل خميس، يعني كل أسبوع مرة، فعند ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- كان كذلك يذكرهم كل خميس أو كل أسبوع مرة، ذكر أنه كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا، يعني أنه يكره أن يسئمنا، السآمة يعني الضجر والملل، وقد ذكرنا أسباب ذلك.