(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
70125 مشاهدة
بيان ذكر المطر وكيفية نشأته ونزوله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى- في ذكر المطر ونزوله.
قال: حدثنا أحمد بن هارون بن روح قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا المعافى الحراني قال: حدثنا موسى بن أعين عن الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ما أنزل الله عز وجل من السماء كفا من ماء إلا بمكيال, ولا سفا الله عز وجل كفا من ريح إلا بوزن ومكيال, إلا يوم نوح عليه السلام, فإنه طغى الماء على الخزان. قال الله عز وجل: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ويوم عاد, فإنه عتت الريح على الخزان, قال الله تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ .
قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ قال: لم ينزل الله عز وجل من السماء قطرة إلا بعلم الخزان, إلا حيث طغى الماء, فإنه غضب بغضب الله عز وجل, فطغى على الخزان, فخرج ما لا يعلمون ما هو.
قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا بندار قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا محمد بن يحيى بن هانئ عن أبي خمير عن كعب رحمه الله تعالى قال: المطر روح الأرض.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا سعيد عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: يخلق الله عز وجل اللؤلؤ يخر في الأصداف من المطر, تفتح الأصداف أفواهها عند المطر من السماء, فاللؤلؤة العظيمة من القطرة العظيمة, واللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا قطبة قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر مثل معناه.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران قال: حدثنا ابن أبي عمران قال: حدثنا سفيان عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن الحسن رحمه الله تعالى: أنه كان إذا نظر إلى السحاب قال: فيه والله رِزْقُكُمْ, ولكنكم تُحْرَمُونه بخطاياكم وأعمالكم.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن عمران قال: حدثنا يحيى بن يمان قال سفيان: حدثنا عن جابر عن الشعبي رحمه الله تعالى: فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ قال: كل ندى وماء في الأرض من السماء نزل.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا سلمة بن داود العرضي قال: حدثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران رحمه الله تعالى قال : البركة في القرآن المطر وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا .
قال: حدثني خليل بن أبي رافع قال: حدثنا جدي قال: حدثنا محمد بن يزيد عن جويبر عن الضحاك رحمه الله تعالى في قوله تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا قال: المطر.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو داود القطان قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن واقد عن علباء بن أحمر عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: ينزل الماء من السماء السابعة, فتقع القطرة منه على السحاب مثل البعير.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل حبويه قال: حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن عمه عن عكرمة -رحمه الله تعالى- قال: ما من قطرة تقطر إلا نبتت بها شجرة أو لؤلؤة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عمران بن بكار قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال: حدثنا جميع بن ثوب قال: حدثنا أبو راشد التنوخي قال: سمعت أبا أمامة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ما مطر قوم إلا برحمة, ولا قحطوا إلا بسخطة .
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي رحمه الله تعالى : ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قال: قُحُوط المطر.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي قال: حدثنا اليمان بن عدي عن نافع عن قتادة عن كعب رحمه الله تعالى, قال: لو أن الجليد ينزل من السماء الرابعة لم يمر بشيء إلا أهلكه.
قال: حدثنا خليل بن بنت تميم بن المنتصر قال: حدثنا جدي قال: حدثنا محمد بن يزيد عن جويبر عن الضحاك رحمه الله تعالى وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا يقول: بالمطر. وفي قوله: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ قال: المطر الذي ينزله الله تعالى وَمَا تُوعَدُونَ الجنة والنار.
قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا عبد الله بن عبيد قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا محمد بن عبيد عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ قال: الصيب المطر.
قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد - رحمه الله تعالى- قال: الصيب المطر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد قال: وحدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا فضيل بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ قال: المطر.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن عمران قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ قال: الرجع المطر. وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ قال النبات.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران قال: حدثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان في قوله عز وجل وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ قال: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ الغيث, وَمَا تُوعَدُونَ الجنة.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا الربيع قال: حدثنا الشافعي حدثني من لا أتهم, عن عمرو بن المطلب بن حنطب رضي الله عنه أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: ما من ساعة من ليل ونهار إلا والسماء تمطر .
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال حدثني مفضل بن غسان قال: حدثنا أحمد بن عمر مولى أسلم قال: حدثنا أسلم قال: حدثنا حزام بن هشام عن أبيه, قال: قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب, فدخل على عائشة رضي الله عنها, فاستخبرته عائشة رضي الله عنها عن مكة كيف تركتها؟ فذكر أن مطرا أصابها, فقال: تركت بطحاءها قد ابيضت, وانتشر عضاضها, وأعذق إذخرها, وأسلب ثمامها, وأبقل حمضها, فدخل النبي-صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال : إيها يا أصيل !! لا تحزنا .
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله قال حدثني أبو يوسف القلوسي قال: حدثنا أبو ربيعة قال: حدثنا وهيب عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما نزل مطر من السماء إلا معه البذر, أما إنكم لو بسطتم نطعا لرأيتموه.
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله قال :حدثني يحيى بن عبد الله الخثعمي عن شيخ من أهل البصرة قال سمعت العباس بن محمد الهاشمي يحدث عن أبيه قال: كنت في الصيد فأصابنا مطر فملت إلى أخبية الأعراب, فقلت: هل عندكم من مظل؟ قالوا: نعم, فأنزلوني مظلة لهم فمكثت يومي وليلتي ولم يسكن المطر, فلما أصبحت قلت: لقد أنزل الله عز وجل من السماء خيرا كثيرا, فقام أبو المنزل إلى كساء قد شبح بين أربع خشبات, فلمسه بيده فقال: ما أنزل الله الليلة خيرا, ثم مكثت يومي وليلتي والمطر لا ينقطع, فأصبحت فقلت مثل ما قلت, فقام إلى الكساء فصنع مثل ما صنع, وقال مثل ما قال، قال: ثم قلت في اليوم الثالث مثل ذلك فقام فلمس بيده ثم قال: نعم قد أنزل الله عز وجل الليلة خيرا, فقلت قد سمعت مقالتك أول من أمس وأمس واليوم, فما سبب ذلك؟ فأتاني بكف من البذور أخذها من فوق الكساء, فقال: إن حب البقل والعشب والكلأ إنما ينزل من السماء فينبته الله العزيز الحكيم كيف يشاء.
قال: حدثنا بنان بن أحمد القطان قال: حدثنا عبيد بن جناد قال: حدثنا ابن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح رحمه الله تعالى في قوله تعالى: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ قال العصف: أول ما ينبت.
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد حدثني محمد بن إسماعيل بن البختري قال سمعت من يذكر عن مسلم بن سعيد رحمه الله تعالى قال: كنا بطريق مكة فنظرت إلى السماء فرأيت بذورا على خيمة.
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني يحيى بن عبد الله عن هشام بن الحكم الثقفي قال: أخبرني أبو الطفيل الحرمازي رحمه الله تعالى قال: كنت جالسا مع أبي, وكان شيخا كبيرا من أولاد الجاهلية, فرأيت بقلة فحفرت عن أصلها, فإذا في الوعاء الذي نبتت فيه ثلاث حبات, نبتت واحدة, وثنتان صلبتان جدا, فجعلت أتعجب منه, فقال: أي بني ! من أي شيء تعجب؟ قلت: من ثلاث حبات نبتت حبة, وثنتان صلبتان معها ........................ فأما ما يكون في البحر فلا يكون له نبات, وأما النبات فما كان من السماء, وقال: إن شئت أعذبت ماء البحر, فأمر بقلال من ماء ثم وصف كيف يصنع به حتى يعذب.
ذكر جدي رحمه الله تعالى عن أبي زياد القطان قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا إسماعيل بن سميع قال: مطرنا من الليل فأصبح عند أصحاب السابري غدير فيه ضفادع, فسألت أبا مالك الغفاري عن ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما, فقلت: تنزل الأرض القفر فتمطر من الليل, فتصبح من الغد في الأرض ضفادع خضر. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن هذه السماء الدنيا إلى التي تليها وما بينهما ماء مطبقا, يجري فيه من الدواب مثل ما في مائكم هذا.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا محمد بن أبان قال: حدثنا أبو بكر عبد القدوس بن محمد قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا عمران القطان قال: سمعت رجلا سأل الحسن رحمه الله تعالى, فقال: يا أبا سعيد المطر من السماء أم من ماء من السحاب؟ قال: من السماء, إنما السحاب علم ينزل عليه الماء من السماء.
قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عامر قال: حدثنا أبي قال: حدثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إني لأعرف الثلج وما رأيته في قول الله عز وجل وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ قال: الثلج منه.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا عمرو بن سعيد قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا جرير عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من عين جارية إلا وأصلها من الثلج.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن - رحمه الله تعالى - قال: حدثنا محمود بن خداش قال: حدثنا هشيم عن إسماعيل عن الحسن رحمه الله تعالى: وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ قال: ما من عام بأمطرَ من عام ولكن الله عز وجل يصرفه حيث يشاء, وربما كان ذلك في البحر, ينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة, فيكتبون حيث يقع ذلك المطر, ومن يرزقه, وما يخرج منه مع كل قطرة.
قال: حدثنا إبراهيم عن سوار بن عبد الله القاضي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الجمحي عن شيخ من أهل مكة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المطر مزاجة من الجنة فإذا كثر المزاج عظمت البركة, وإن قل المطر, وإن قل المزاج قلت البركة وإن كثر المطر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا صفوان بن عمرو قال: حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها رحمه الله تعالى قال: المطر يخر من تحت العرش فينزل إلى السماء الدنيا فيجتمع في موضع يقال له الإيرم فتجيء السحاب السود فتشربه.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا رحمه الله تعالى- وسئل عن الصاعقة: ما هي؟ أشيء لها مس أم نار أم ما هي؟ قال: ثلاثة لا يعلمهن إلا الله, الرعد والبرق والغيث ما أدري من أين هو وما هن؟ فقيل: إن الله عز وجل أنزل من السماء ماء, فقال وهب نعم ولا أدري أنزل قطرة من السماء في السحاب؟ أم خلق من السحاب فأمطر, وسماء السحاب سماء.


هكذا سمعنا هذه الأحاديث وهذه الآيات وهذه الآثار التي تتعلق بالمطر, من أين هو؟ وكيف خلق؟ وكيف ينزل؟ وأنه من آيات الله الكونية التي تدل على عظمته, والتي يرحم بها عباده. فإن هذه الأرض خلقت كافة يابسة, ولكن الله تعالى جعلها قابلة للنبات, فلو جعلها صخرية لهلك من عليها, وحتى لو كانت من ذهب كلها أو من فضة فمن أين يأكلون؟ فجعلها الله رخاء: تنبت هذا النبات, ثم جعل فيها هذه البحار, وهذه القفار, ولكن البحر شديد الملوحة, إذا سقي منه الأرض لم تنبت لشدة ملوحته بإذن الله, وإنما تنبت إذا كان الماء عذبا فراتا. يعني: الإنبات النافع الكثير.
فقدر الله أنه ينزل هذا السحاب, ينزل هذا المطر من هذا السحاب, ويكون ماء عذبا زلالا كما شاء الله, فيكون سببا في حياة الأرض وحياة من عليها, فينبت النبات, ويبقى الماء على وجه الأرض أو في جوفها, فيشربون من هذا الماء, ويسقون دوابهم, ويسقون حروثهم وأشجارهم, ويقدر الله لهم المعيشة من نبات هذه الأعشاب التي توجد على وجه الأرض.
لا شك أن ذلك نعمة من الله تعالى وفضل كبير. قدَّر الله نزول هذا المطر كما شاء, وكذلك أيضا جعله مباركا, قال الله تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فأحيينا به الأرض مَاءً مُبَارَكًا من بركته كثرة النبات, واستمرار النبات, إذا أنزل الله فيه البركة, إذا شاء نزع البركة كما يشاء.
يشاهد في بعض الأزمنة كثرة المطر وقلة النبات, لماذا؟ لقلة البركة, فإذا جعله الله مباركا كثر النبات وأكل الناس وشربوا, ورعوا أنعامهم, وهذا شيء مشاهد- يعني: عظم البركة في ماء السماء الذي هو هذا المطر-. قد ذكرنا أن الذين يبذرون في أيام المطر بما يسمى البعول ينثرون الحب في الأرض و يحرثونه ويبذرونه, فيجيء المطر مرة واحدة, ويسقي هذه الأرض ويغمرها بالماء حتى ترضى, فينبت النبات, ويستمر أربعة أشهر, ما جاءه سقي حتى ينبت, وحتى يستوي على سوقه, وحتى يتم سنبله. سقية واحدة تنبت هذه الزروع إلى أن تثمر وإلى أن ينضج ثمرها ! مرة واحدة ! مع أنا نشاهد أنهم إذا بذروه, واستخرجوا له الماء من الأرض, فقد يحتاجون إلى سقيه كل أسبوع, أو كل أسبوع مرتين, أو نحو ذلك, ومع ذلك لو تركوه لظمئ, فهذا ونحوه دليل على ما جعل الله تعالى فيه من البركة بأمره.