الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
حقيقة الالتزام
19164 مشاهدة
حديث فعليكم بسنتي

2- حديث: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين:
عن العرباض بن سارية قال:   صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائلٌ: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدًا حبشيًّا؛ فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة .
وهكذا يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالسنة والعض عليها بالنواجذ، ذلك أن القبضَ باليدين فيه عرضة للتفلت، فلأجل ذلك من شدة حرصه صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالعض عليها بالنواجذ ، والنواجذ: هي أقاصي الأسنان، وهذا كناية عن شدة التمسك بالسنة مخافة أن تتفلت .
والرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بالتمسك بالسنة ويشدد في ذلك ؛ لأن المعوقات كثيرة، والشبهات متعددة ، وهذه المعوقات والشبهات قد تضعف التمسك بالسنة ؛ فلأجل ذلك أوصى صلى الله عليه وسلم بشدة التمسك بالسنة .
والشاب الملتزم حقًّا : هو الذي يتمسك بالسنة ويقبض عليها قبضًا محكمًا ، فيقبض عليها بيديه وعضديه مخافة أن تتفلت منه، ولو أدى ذلك إلى العض عليها بأقاصي أسنانه.
وقفات مع الحديث: 1- لا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أوصى بالتمسك بالسنة بهذه الشدة ، إلا لأنه يعرف أن هناك معوقات وأن هناك ضلالات وشبهات ودوافع ، وهذه الشبهات والضلالات قد ترخي تمسك الإنسان بهذه السنة ، ولكن إذا عرف الشاب الملتزم أن تمسكه بالسنة وسيلة لنجاته ، وأن إخلاله بها وسيلة إلى هلاكه ودمار لحياته ، فإنه بلا شك يتمسك بها أشد ما يكون التمسك. 2- أمر آخر: وهو أن الملتزم الذي يعمل بالسنة كما أُمرَ لا شك أنه يلاقي من أعدائه ومن أضداده تسفيهًا وتَضليلا واستهزاءً وتنفيرًا وكيدًا وتنقصًا لحالته واستضعافًا لرأيه ورميًا له بالعيوب ، وهذا ليس بخافٍ على أحد.
فإننا نسمع ما يُرْمَى به الملتزمون من كلمات التنقص فإذا رأوه وقد أرخى لحيته قالوا هذه لحية كأنها:  ذنب تيس، أو كأنه:  عاض على جاعد، أو كأنها:  مكنسة بلدية . . أو كأنها .. أو كأنها.
وربما قالوا: ما فائدة هذا الشعر، فإنه شعر لا فائدة فيه، وربما قالوا: أصلح فؤادك أو أصلح قلبك، فإن الإيمان في القلب ! فإذا آمن قلبك فلا فائدة في هذا الشعر! وإذا آمن قلبك لا يضرك ما عملته ولا يضرك ما فعلته! وهذه كلها شبهات وعوائق تعيق الإنسان عن سيره وتمسكه بالسنة الشريفة.
3- ثم أمر آخر : لقد رأينا كثيرًا من شبابنا الذين رجعوا إلى الله تعالى، وأقبلوا على الطاعة وصحبوا أهل الخير، ثم بعد فترة قليلة، وبعد زمن قصير ارتدّوا على أعقابهم ورجعوا القهقرى ، وغيروا ما كانوا عليه من الالتزام والتمسك ، وعادوا إلى لهوهم وسهوهم، وعادوا إلى المعاصي التي كانوا عليها من قبل .
لماذا؟!! لأن التزامهم لم يكن محكمًا ، وتمسكهم لم يكن قويًّا ، إضافة إلى ضعف إيمانهم مما جعلهم متدينين برهة من الزمان، ثم رجعوا إلى الضلال وإلى الانحراف .
إذًا فعلى المسلم أن يكون قابضًا على السنة وسائرًا على النهج السوي والمنهج المستقيم ، الذي هو صراط الله الذي أمرنا بأن نسلكه وأن نسير عليه ، والذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه طريق واحد مستقيم ليس فيه أي انحراف أو ميل كما في قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .
وقوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ . والمستقيم الذي ليس فيه اعوجاج .