إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
51312 مشاهدة
نبذة عن الإمام البخاري وكتابه الصحيح

...............................................................................


فكان من أولئك المؤلفين البخاري رحمه الله اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي جده الأقصى اسمه بردزبه فارسي أسلم على يد رجل من بني جعف، فصار يسمى الجعفي لكونه اهتدى على يديه. أما البخاري فإنه من حفظة الحديث ومن أئمته، ولد سنة مائة وأربع وتسعين، ومات سنة ست وخمسين ومائتين، انتقى هذه الأحاديث بأسانيده، واختار الرجال الذين يثق بهم، واختار مشاهير المحدثين وصار صحيحه أقوى الكتب وأفضلها وأصحها حتى قال فيه بعضهم:
صحيـح البخـاري لـو أنصفـوا
لمـا خـط إلا بـمـاء الـذهـب
يعني من قوة أسانيده وانتقائه للأحاديث.
وذكروا أنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، ولكنه يعد الحديث الواحد عشرة أحاديث أو عشرين بحسب طرق الحديث ورواياته، وكذلك أيضًا يعد الآثار التي عن الصحابة وعن التابعين فيحسبها أحاديث؛ لذلك وصل العدد الذي هو صحيح إلى مائة ألف.
أما كتابه هذا فحسب الإحصاء مع تكرار ما فيه بلغ سبعة آلاف وزيادة، ومع عدم التكرار ذكروا أنه نحو ألفين وسبعمائة وزيادة، بدون تكرار وبدون ذكر الآثار، الآثار التي فيه عن الصحابة رضي الله عنهم أو عن التابعين.