القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
أسماء الله وصفاته
23723 مشاهدة
إنكار المعتزلة قدرة الله على أفعال العباد

ثم إن المعتزلة أخرجوا عن قدرة الله تعالى أفعال العباد، وجعلوا أفعالهم منسوبة إليهم، وأنكروا أن يكون الله تعالى هو الذي خلق أفعالهم، وهذه يركزون عليها ويقررونها، يقررون قولهم: إن الله لم يخلق أفعال العباد؛ بل العباد هم الذين يخلقون أفعالهم، أو أن الله لا يقدر على أن يخلق أفعالهم؛ بل هم المستقلون بها، فهم الذين يباشرونها فهي تنسب إليهم، ولا تنسب إلى الله تعالى كما هو الواقع، فينكرون الأدلة التي تدل على أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، مثل قول الله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ قرأها بعضهم: إن الله لا يُهدَى من يضل من أضله الله تعالى فلا أحد يقدر على أن يهديه، وكذلك قول الله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ دليل على أنه من على هؤلاء فهداهم فضلا منه ونعمة، وأنه الذي وفقهم وأعانهم حتى أقبلوا عليه وتقبلوا ما أمرهم به، وكذلك خذل الآخرين وأضلهم وصدهم عن الخير وصدهم عن الهدى، فكل ذلك خلقه، وكل ذلك تصرفه.
أنكر هؤلاء قدرة الله على أفعال العباد، وسموا ذلك عدلا، وقالوا: لو أن الله خلق الكفر والمعاصي والبدع في أهلها؛ ثم عاقبهم وعذبهم عليها؛ لكان ظالما لهم، فعلى هذا تنسب إليهم أفعالهم وليس لله قدرة عليهم أصلا، فجعلوا قدرة المخلوقين أقوى من قدرة الخالق، وقالوا: لو أراد الإنسان أن يعصي أو يذنب، وأراد الله أنه لا يعصي ولا يذنب، غلبت قدرة الإنسان قدرة الله، غلبت قدرة المخلوق قدرة الخالق.
ولا شك أن هذا تنقص، وادعوا أن الله تعالى يعصى قسرا، وأنه لا يقدر على أن يرد هؤلاء عن أهوائهم؛ ولأجل ذلك يسمى هؤلاء مجوس هذه الأمة؛ وذلك لأنهم بأقوالهم هذه وبتنقصهم لذلك أثبتوا مع الله خالقِين؛ أي: جعلوا كل إنسان يخلق أفعاله خيره وشره. لما كان المجوس يثبتون للعالم خالقَيْن -النور والظلمة- يقولون: إن النور هو الذي خلق الخير، والظلمة هي التي خلقت الشر؛ فأثبتوا خالقين، فهؤلاء يقولون: إنهم أثبتوا خالقين؛ حيث جعلوا كل إنسان يخلق فعله طاعة أو معصية. قد يقولون: إننا ننزه الله عن أن يعذب على ما خلقه، كيف خلق في هذا حركة الزنا ثم يعاقبه؟ وخلق في هذا حركة المسكر فسكر ثم يعاقبه؟ وغير ذلك؛ فيكونون بذلك -في زعمهم- أنهم ينزهون الله تعالى عن أن يعاقب على ما خلقه فيهم، وأوجده فيهم، هكذا ادعوا، فنقول: إنكم تنقصتم قدرة الله.
الله تعالى على كل شيء قدير، ولا يمكن أن يخرج أحد عن قدرته، ولا يمكن أن تكون قدرة المخلوقين أقوى من قدرة الخالق، ولا يمكن أن يعصى قسرا؛ يعني: بدون رضاه، فإن في ذلك تنقصا له وهكذا.
ثم قد يستدلون ببعض الأدلة التي فيها نسبة الأفعال إلى المخلوقات مثل قوله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ والجواب أن نقول: إن هذا حق؛ ولكن هذه المشيئة مرتبطة بمشيئة الله تعالى؛ ولأجل ذلك يذكر الله أن مشيئتهم مسبوقة بمشيئة الخالق، وقدرتهم مسبوقة بقدرة الخالق؛ فالله تعالى خالقهم وخالق أفعالهم.