قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
أسماء الله وصفاته
23736 مشاهدة
علم الله تعالى محيط بكل شيء

في حديث موسى عليه السلام لما ذهب إلى الخضر وطلب منه أن يعلمه وقال: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ذكر أنهما لما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر من البحر نقرة أو نقرتين؛ فقال الخضر يا موسى ما نقص علمي وعلمك وعلم جميع الخلق من علم الله تعالى إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر.
ما مقدار النقرة التي أخذها العصفور من هذا البحر؟ أي: هكذا نسبة علم المخلوقين كلهم إلى علم الله تعالى، فإن الله هو العليم بكل شيء من متقدم الأمور ومتأخرها، يراقب خلقه ويعلم أحوالهم، قال الله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ذكر العلماء أن علم الله تعالى علم عام، وهو الذي كتبه في اللوح المحفوظ، وإذا كان قد كتب كل شيء في اللوح المحفوظ فهذا علم عام لكل ما في الوجود، وعلم خاص وهو علمه بأحوال كل إنسان من حين يولد إلى أن يموت، عالم بأحواله وبجميع حركاته. هذا بالنسبة إلى كل شخص؛ أن ربنا سبحانه علم أن هذا سيعمل كذا وكذا من أسباب السعادة أو من أسباب الشقاوة؛ فيكون هذا النوع داخلا في العلم العام، وهو علمه بأحوال كل عبد من حين يولد إلى أن يتوفى، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خلق الإنسان قال: يبعث إليه ملك فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد يكتب رزقه أنه سيرزق كذا وسيعمل كذا وسيشتغل في كذا وكذا وما أشبه ذلك، ويكتب أيضا عمله أعني: أعماله التي يعملها من طاعات ومعاص، ويكتب أجله أي: مدة حياته، ويكتب شقاوته أو سعادته؛ مع أن ذلك مكتوب في الأزل، وعالم به الرب تعالى، ولا يتخلف شيء عن ما علِمه تعالى، ولا يمكن أن يعمل أحد على خلاف ما علم الله منه؛ حيث إنه علم ما الخلق عاملون كلهم، فهذا أثر هذه الصفة التي هي العلم.