الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
66520 مشاهدة print word pdf
line-top
كتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان


قال المؤلف -رحمه الله تعالى- حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بكتابه رجلا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقوا كل ممزق


.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فتح الله عليه بلاد العرب وأهل الجزيرة رأى أيضا أن يدعو غير العرب، وكان أهل الشام نصارى يقال لهم: الروم، وأهل العراق مجوس، أهل العراق وأهل إيران وما وراء النهر يقال لهم: الفرس ولا يزالون إلى الآن يتسمون بأنهم فرس، وأن بلادهم بلاد فارس ، فكتب إلى قيصر الذي هو ملك الروم واحترم كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبله، وهمَّ بأن يسلم ولكن خاف على ملكه فلم يدع عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكتب إلى كسرى الذي هو ملك الفرس وكان مجوسيا فلما جاءه كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مزقه ولم يهتم به، دعا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقه الله كل ممزق فمزق الله -تعالى- ملكه.
وذلك لأن الروم بقي لهم ملك مئات السنين استقروا في تركيا في القسطنطينية وهي إسطنبول وبقي لهم ملك، وأما الفرس انقطع ملكهم، الصحابة -رضي الله عنهم- فتحوا العراق وواصلوا فتحا فتحا إلى خراسان وإلى ما وراء ذلك حتى قتل ملكهم واسمه يزدجرد وانقطع ملكهم.
الشاهد من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل كتابه وأنهم في بعض الروايات قالوا: إنهم لا يقرءون الكتاب إلا مختوما فاتخذ خاتما نقشه محمد رسول الله ثلاثة أسطر، وختم كتابه وأرسله فقبلوا كتابه قبلوه، ولما قبلوه قرءوه ولكن غضب ذلك الملك، فاستدل بذلك على أنه تقبل الكتابات ولم يزل على ذلك المحدثون؛ إذا كان- مثلا-أحدهم في مصر كتب إليه التلاميذ الذين في المدينة أو في مكة أو في صنعاء أو غير ذلك فكتب إليهم: حدثني فلان قال:حدثني فلان إلى أن يكتب لهم الأحاديث التي عنده تأتيهم ويقبلونها، لكنهم ما يقولون: حدثنا فلان، ما يقولون:- مثلا -حدثنا الليث بن سعد عالم مصر ولكن يقولون: أخبرنا أو أنبأنا أو عن الليث ؛ لأنه ما حدثهم مشافهة هذا اصطلاح كثير منهم والبخاري يبيح ويجوز أن يقول: حدثنا وإن كان مكاتبة. نعم.

line-bottom