عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
حوار في الاعتكاف
54751 مشاهدة
الاعتكاف عبادة مطلوبة من جميع المسلمين


س 40: يتردد من بعض بناتنا أن الاعتكاف لكبار السن من العجائز. فبماذا تنصحون من يقول ذلك؟
جـ 40: هذا غير صحيح فإن الاعتكاف عبادة مطلوبة من جميع المسلمين استحبابا ولا فرق بين الشباب والكهول والمسنين فالجميع مطالبون بالعبادات القولية والفعلية ولهم عليها أجر من الله تعالى إذا صلحت الأعمال والنيات فنقول للشباب الذين يؤجلون العبادات ويسوفون بالتوبة ويعتذرون بأنهم لا يزالون في مقتبل الأعمار، أو أن في إمكانهم وقت الشيخوخة أن يقبلوا على العبادة ويكثروا من الطاعات ويتوبوا عن الإهمال والتفريط وعن ترك الذنوب التي يتعاطونها نقول لهم: إنكم لستم على يقين من البقاء في هذه الحياة الدنيا وإن الأعمار علمها عند الله، فكم رأيتم من الشباب الذين وافاهم الأجل وماتوا وهم في ريعان الشباب والقوة والنشاط، فليس الإنسان ضامنا أن يعمر بل لا يدرى لعل حياته تنتهي في أقرب وقت، وقد كثرت الأمراض وتنوعت العاهات ولم يغن العلاج والأدوية عن كثير منها، وكذلك كثر موت الفجأة وحوادث السيارات وما ينتج عنها من الوفيات والإعاقات والإغماء والغيبوبة فلا يتمكن من العمل الصالح والتوبة النصوح.
ثم إن كثيرا من الذين يتمادون في العصيان والإهمال والتهاون بالذنوب والإكباب عليها حتى تصبح ديدنه وعادة له تتحكم فيه فلا يستطيع التخلص منها ولو حاول لم يقدر ولم يتغلب على تلك العادات التي ألفها من الصغر فننصح الشباب ذكورا وإناثا أن لا يهملوا أمر الطاعة والعبادة وأن يبادروا إلى الأعمال الصالحة من نوافل وقربات كالصيام والتهجد والاعتكاف والذكر والقراءة والصدقة وسائر العبادات قبل أن يختم على العمل ويحل الأجل والله المستعان.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.
7 / 9 / 1417 هـ