اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
48758 مشاهدة
حكم مرتكب الكبيرة

[وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج ، بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي ؛ كما قال سبحانه في آية القصاص: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [ البقرة: 178 ] وقال: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ الحجرات: 9 ] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ الحجرات: 10 ] ] .


(الشرح)قوله: (وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج...):
في هذا الفصل: هل يكفر المؤمن بمجرد المعصية؟ وهل المعصية تخرج العبد من الإيمان وتدخله في الكفر أم لا؟ ذهبت الخوارج إلى أن من أصر على معصية خرج من الإيمان، وأصبح كافرا حلال الدم والمال، فعندهم أن الإنسان إذا قتل مسلما فهو كافر وخارج من الإسلام، وهكذا من أكل الربا، أو أكل مال اليتيم، أو زنا أو سرق أو شرب خمرا أو ما أشبه ذلك، عندهم أنه كافر بالله، حلال الدم والمال، حكمه كحكم اليهود والنصارى، والمشركين والشيوعيين وسائر الملحدين، حلال دماؤهم وأموالهم، هكذا عند الخوارج.
أما أهل السنة فيقولون: إنه باق معه اسم الإيمان لا نخرجه من الإسلام والإيمان بهذا الذنب، بل نسميه عاصيا، والدليل عليه هذه الآيات، منها آية القصاص: فإن الله سمى القاتل مؤمنا مع كونه قاتلا في قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى إلى قوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [ البقرة: 178 ].
فالقاتل إذا قتل إنسانا مسلما لم يخرج بذلك عن حد الأخوة الإسلامية، فإذا طلب الولي القصاص مُكِّنَ من ذلك وقتل القاتل ؛ لأن النفس بالنفس، فإذا قال: عفوت عنك أيها القاتل، فأعطني الدية، فإنه قد عفا عنه، فذلك المعفو عنه وهو القاتل عليه أن يؤديها بإحسان، وهذا هو المقصود بقوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ فسماه أخا مع كونه قاتلا وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ .
وكذلك قوله في آية البغاة: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [ الحجرات: 9] فسماهم مؤمنين مع كونهم يتقاتلون، هذه تقاتل هذه وهذه تقاتل هذه، لأمور دنيوية ونحوها، ومع ذلك سماهم مؤمنين، وأمرنا أن نتدخل ونصلح بينهم ونفصل هؤلاء عن هؤلاء. وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [ الحجرات: 10] وقولوا لهم: لم تتقاتلون وأنتم كلكم مؤمنون؟ ، فلم يُخرجهم تقاتُلهم هذا من الإيمان.
فعلى كلٍّ لا شك أن القتال ونحوه ذنب كبير، ولكن لا يصل إلى حد الكفر وإباحة المال والدم، والجزم بأنهم من أهل النار ومن أهل العذاب، وإنما نقول: إنهم مذنبون ومخطئون، وعلى المسلمين أن يتدخلوا في الصلح بينهم، حتى يعودوا إلى الأخوة الإسلامية.