الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
48767 مشاهدة
ما تضمنته الدار الآخرة مذكور في الكتب والآثار

[وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المُنَزَّلة من السماء، والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء، وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يشفي ويكفي، فمن ابتغاه وجده] .


(الشرح)* قوله: (وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء...):
ومن أراد التفصيل في أمور الآخرة من موت وبعث ونشر وحساب وعقاب وجنة ونار، فعليه بالكتاب والسنة، فكل ذلك موجود فيه مفصلا، وكذلك هو مذكور في كتب الأنبياء السابقين، ولكن كتابنا الذي أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم اعتنى بالتفصيل والتوضيح ليوم القيامة، ولما يكون بعد الموت، أشد اعتناء وأكثر اهتمامًا من الكتب السابقة؛ وذلك لأن الإيمان بهذا اليوم يترتب عليه الاستعداد والتأهب للقاء الله تعالى، وهو كما عرفنا ركن من أركان الإيمان، فالذي يؤمن به يُتْبِعه العمل الصالح الذي تحصل به النجاة من العذاب والفوز بالجنان.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يحقق إيمانه، ويصدق في أعماله.