قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
فوائد من شرح منار السبيل الجزء الثاني
16662 مشاهدة
فصل [في تعزية المسلم]

408\178 ( تسن تعزية المسلم ).


قال شيخنا -حفظه الله آمين-
هذا الفصل يتعلق بما بعد الدفن.
* * * 409\178 (إلى ثلاثة أيام).

قال شيخنا -حفظه الله آمين-
وذلك لأن المصيبة في هذه الثلاث أشد؛ ولأنها مدة الإحداد المطلق كما ذكره الشارح.
وأجاز بعضهم أن يُعَزَّى إلى أكثر من ثلاث، ما دام أن على صاحب المصيبة شيئا من أثرها.
وكرهوا التعزية إذا طالت المدة؛ لأنها تثير الأحزان، ولكن لا بأس من ذكر محاسن الميت حتى يُدْعَى له.
فائـدة:
روي أن الفضيل بن عياض لما مات ابنه ضحك، فلما سئل قال: علمت أن هذا اختيار الله فرضيت.
وأما حديث عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها- إن الميت يعذب ببكاء الحي فعنه أجوبة: منها أنه إذا أوصى بذلك، ومنها أنه إذا كان ذلك عادة لهم في حياته ولم ينكر.
وذهب شيخ الإسلام إلى أن المراد بأنه يتألم من أعمالهم؛ لأنها تعرض عليه فيسوؤه ما يرى منهم.
فائـدة:
قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
وفي هذه الأزمنة ينشر في الصحف الخبر بأن فلانا مات. وهذا يختلف باختلاف المقاصد.
فإذا كان يقصد من ذلك إخبار أقاربه، فهذا لا شيء فيه -إن شاء الله- أما إذا كان القصد إظهار محاسن الشخص، فهذا منهي عنه.
* * * 410\179 (وتُسَن زيارة القبور للرجال )... بلا سفر لعدم نقله، وللحديث الصحيح: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد

قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
أما قول بعض القبوريين: إنكم تنكرون شد الرحال لزيارة القبور مع عموم الأحاديث: زوروا القبور ... فيقال لهم: إن الحكمة من زيارة القبور تظهر عند زيارة كل قبر، وليس في قبر معين، وأيضا نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن شد الرحال إلا لثلاثة مساجد، فيفهم من ذلك أن شد الرحال للقبور لا يجوز، وينكر بعض القبوريين الاستدلال بحديث: لا تشد الرحال ... ويقولون: أليست الرحال تُشد للتجارة؟ فيقال: إن هذه مسألة في الدنيا وكسبها، وأيضا النهي ورد لمن أراد التبرك، وإنما خصت المساجد الثلاثة في الحديث؛ لزيادة الأجر بالصلاة فيها. والخلاصة أن يقال: إن النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة يشمل النهي عن شد الرحال لزيارة القبور.
* * * 411\179 (وتكره للنساء) ... ويؤيده حديث ابن عباس مرفوعا: لعن الله زوَّارات القبور

قال شيخنا -حفظه الله ورعاه آمين-
ومن الأدلة على ذلك:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى نسوة في المقبرة، فحثا عليهم التراب وقال: ارجعن مأزورات غير مأجورات؛ فإنكن تؤذين الميت وتفتن الأحياء ومن الأدلة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى فاطمة أقبلت من ناحية المقبرة، فسألها فقالت: قد عزيت آل فلان. فقال: لعلك قد بلغت معهم الكدى؟ أي: طرف الكدى. فقالت: معاذ الله، بعد ما سمعتك تنهى عن ذلك؟! فقال: لو فعلت لم تدخلي الجنة حتى يدخلها جد أبيك وهذا حديث ثابت رواه أهل السنن .
* * * 412\179 (وتكره للنساء)... وعنه: لا يكره لعموم قوله فزوروها

قال شيخنا -حفظه الله آمين-
والجواب على ذلك:
أن عائشة لم تزر إلا قبر أخيها، وسبب ذلك أنها لم تشهد دفنه، وأيضا لم تدخل المقبرة، بل كانت على جانب.
وأما قولها: ماذا أقول إذا زرت القبور؟ فيحمل على ماذا أقول إذا مررت بالقبور.
وبهذا يترجح القول بنهي النساء.
وأما حديث: إنما الصبر عند الصدمة الأولى فلعل المراد أن قبر ابنها ليس في المقابر، أو أن المراد قربها من ذلك وليس دخولها المقبرة.
فائـدة:
وممن أجار زيارة القبور للنساء السبكي لكن رد عليه ابن عبد الهادي في ضمن كتابه: الصارم المنكي.
413\180 ( وسُن لمن زار القبور أو مر بها أن يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ...).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
لاحقون بكم بالإسلام والإيمان الذي متم عليه.
* * * 414\180 ( وابتداء السلام على الحي سنة ) .

قال شيخنا -حفظه الله آمين-
والكلام على السلام يطول فليراجع كتاب: الآداب الشرعية، ورياض الصالحين، والترغيب والترهيب، وكتاب الأدب في آخر بلوغ المرام، وشرحه سبل السلام.
* * * 415\181 (وتشميت العاطس .....).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
ومناسبة ذكر أحكام العطاس هنا أنه لما ذكر السلام ناسب أن يأتي بحكم العطاس؛ ولأنهما من حق المسلم على المسلم.
فائـدة:
قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
كره بعضهم قول: تشميت العاطس وقال: إن صواب الحديث تسميت -بالسين المهملة- لكن لأن الحديث ورد بالشين، فيقال به.
* * * 416\181 ( ويعرف الميت زائره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس ).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
هذا يتعلق بعلم العقيدة، ولم يثبت بدليل صحيح.
* * *
تم الجزء الثاني، ويليه الجزء الثالث، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد.
عبد العزيز بن محمد السدحان
أبو عمر
الثلاثاء 8\21\1414هـ