الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
فوائد من شرح منار السبيل الجزء الثاني
16658 مشاهدة
فصل في صلاة الخوف

285\139 قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
مشروعية صلاة الخوف دليل على وجوب صلاة الجماعة.

* * * 286\139 لقوله -تعالى- فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا الآية.
قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
وهي -صلاة الخوف- مجملة في القرآن، ولكنها بُيِّنَتْ في السنة.
وبعض العلماء جعلها خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- واستدل: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ لكن الصحيح أنها باقية الحكم؛ فقد صلاها الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن سبب صلاة الخوف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر أثناء قتاله مع المشركين، فقال المشركون: لقد أمكنوكم من أنفسهم فاقتلوهم -أي أثناء الصلاة- فأطلع الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على ما أراد المشركون، ومِن ثَمَّ شُرِعَتْ صلاةُ الخوف.
* * * 287\139 (ولا تأثير للخوف في تغيير عدد ركعات الصلاة).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
وورد عن ابن عباس أن صلاة الخوف ركعة، وإذا ثبت هذا فيحمل على أن المأموم يصلي مع الإمام ركعة، ويصلي ركعة واحدة بعدهم.
* * * 288\139 ... قال أحمد صحت صلاة الخوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من ستة أوجه، فأما حديث سهل فأنا أختاره.
قال شيخنا -حفظه الله تعالى-
وصفة الصلاة في حديث سهل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بطائفة ركعة، ثم ثبت قائما، فقاموا فأتموا لأنفسهم، ثم جاءت الطائفة الثانية فصلى بهم ركعة، ثم ثبت جالسا فأتموا، ثم سلم وسلموا بعده .
وسبب اختيار أحمد لهذا الحديث؛ لأنه أقرب إلى سياق القرآن الكريم.
قال أحمد إذا كان العدو في غير القبلة، صلوا صلاة ذات الرقاع، وإذا كان العدو بينهم وبين القبلة، فيصلون صلاة عسفان وصفتها أنهم صفوا خلفه صفين، فلما ركع ركعوا معه جميعا، فلما سجد سجد معه الصف الأول وبقى الصف الثاني يحرس، فلما تم الصف الأول سجوده، سجد الصف الثاني سجدتين، ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني، فلما ركع ركعوا معه جميعا، فلما سجد سجد معه الصف المتقدم، وبقي المتأخر يحرس ... مثل الركعة الأولى.
* * * 289\139 (وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا للقبلة,...).

قال شيخنا -حفظه الله-
قال -تعالى- فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا رجالا، أي: على أرجلهم. وركبانا، أي: على دوابهم.
فائـدة:
وأما ما حصل في زمن الخندق عندما غربت الشمس وهم لم يصلوا الظهر والعصر، فقال بعضهم: إن ذلك كان قبل مشروعية صلاة الخوف. والصحيح أن ذلك كان بعد مشروعية صلاة الخوف. أما الذين قالوا: إن ذلك بعد مشروعية صلاة الخوف، قالوا: إنه أخرها لعذر.
وقال بعضهم: إنه نسي الصلاة، فلذلك ذكَّره عمر بذلك. والأقرب أنه انشغل بالقتال مع أمل أنه يتوقف.
* * * 290\140 (ومن خاف أو أمن في صلاته انتقل وبنى).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
يعني إذا صلى صلاة، ثم عرض له سبب مخيف أثناء الصلاة، فإنه ينتقل إلى صلاة الخوف وعكس ذلك، إن يصلي صلاة الخوف لعذر، ثم يزول العذر في أثناء الصلاة، فإنه ينتقل إلى صلاة الأمن.
* * * 291\140 (ولِمُصَلٍّ كَرٌّ وفَرٌّ لمصلحة. ولا تبطل بطوله).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
وهما في حالات القتال:
الكر: هو الإقدام على العدو والرجوع إليه.
والفر: هو الهروب من العدو. وهذا هو التولي يوم الزحف، وهذا ممنوع شرعا، وليس هذا هو المقصود في قولهم: ولمصل كر وفر ... إلخ.
فقالوا: إن المراد بذلك: أن المصلي يفر من العدو حتى يلحقه بعضهم، فإذا ابتعدوا عن موقع القتال، كر عليهم راجعًا فقتلهم، هذا مقصودهم.
* * * 292\140 (وجاز لحاجة حمل نجس ولا يعيد).

قال شيخنا -حفظه الله تعالى آمين-
ومقصودهم بذلك: أن المصلي يجوز حمل السلاح ولو كان متلطخا بالنجاسة، كالدم.
* * *