إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
فتاوى الزكاة
113811 مشاهدة
النصاب الواجب في الحبوب والثمار

لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصابا، وهذا هو القول الراجح، وهناك من: لا يشترط النصاب، وهو قول عند الحنفية ويستدلون بعموم الحديث الذي ذكرنا : فيما سقت السماء أو كان عثريا العشر .

قالوا: يعم القليل والكثير إذا زرع عثريا أو زرع ما يُسقى وحصده ولو عشرة آصع أو عشرين صاعا فقد دخل في قوله: فيما سقت السماء أو كان عثريا العشر ولكن القول الصحيح أنه لا بد من النصاب، وذلك أن الزكاة شرعت لأجل المواساة والقليل لا مواساة فيه، فإذا كان محصوله عشرين صاعا أو مائة صاع فهي قليلة بالنسبة إلى محصول غيره فلا يكون فيها زكاة لأنها بقدر قوته وقوت عياله.
والدليل على اشتراط النصاب حديث أبي سعيد الذي في الصحيح، قوله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة . ذكر التمر في الحديث كمثال ويلحق به غيره، فيكون خمسة أوسق من البر وخمسة أوسق من الدخن ونحو ذلك.
والوسق: ستون صاعا هذا الأصل. والوسق هو كيس يجعل فوق ظهر البعير، وعلى هذا فيكون النصاب للحبوب والثمار ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
والصاع النبوي هو مثل صاعنا الآن، إلا أنه لا يُجعل له علاوة، لأن صاعنا الآن يُجعل له علاوة فوقه، وأما في ذلك الوقت فكانوا يمسحونه مسحا، ولا يجعلون له علاوة، فقدروه بأنه أقل من صاعنا بالخمس وخمس الخمس ، ثم قدره بعضهم بالكيلو، فأقل ما قيل فيه إن الصاع النبوي يساوي اثنين كيلو وأربعين غراما (2.40كغ) يعني أكثر من ثلثي الصاع، لأن صاعنا ثلاثة كيلو بالكيلو الوافي، ولكن لما قدروا الصاع النبوي وجدوه بهذا القدر، وكانوا يعبرون الصاع بالوزن، فكان عندنا في هذه البلاد وفي غيرها الكيل بالصاع، والوزن بالوزنة، والوزنة معيار معروف عندهم زنته خمسون ريالا فرنسيا، فقدرنا الصاع وإذا هو مائة ريال فرنسي، ولكن هذه الوزنة اضمحلت وترك التعامل بها وصار بدلا منها هذا الكيلو المعروف الآن، ولذا احتيج إلى معرفة الصاع بالمكاييل المعروفة الآن.
وعلى هذا من بلغ عنده هذا النصاب من الحبوب والثمار فعليه الزكاة، ومن نقص عنه فلا زكاة عليه.