إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90318 مشاهدة
وقوع التأويل في شرح الحديث كما في التفسير

يقول: وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث، يعني: أن هناك من غلطوا أيضا في تفاسير الأحاديث النبوية، كما غلطوا في تفاسير الآيات القرآنية، فحملوا الأحاديث على ما يهوونه، إذا جاءتهم الأحاديث التي تتعلق بالصفات فإما أن يردوها ويقولون: إنها آحاد، وإما أن يحرفوها عما تتضمنه كتحريفهم لأحاديث الشفاعة، ولأحاديث الرؤية.
لما كانوا ينكرون رؤية الله في الآخرة في الجنة أخذوا يؤولون الآيات. وكذلك يؤولون الأحاديث التي في إثبات الصفات، في إثبات الرؤية وفي إثبات صفة الوجه، وما أشبه ذلك فينكرون ذلك. سمع بعضهم رجلا يدعو بالدعاء المشهور الذي فيه: وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة فقال له منكرا: هب أن له وجها فكيف يمكنك أن تنظر إليه وأن تتلذذ بالنظر إليه؟ فقال ذلك الداعي: أنا متبع ولست بمبتدع لا ترد عليَّ رُد على الذين رووا هذا الحديث وهذا الدعاء. فإنه دعاء ثابت لا شك في ثبوته، فيحملون مثلا الوجه على الذات؛ لأنهم ينكرون صفة الوجه لله تعالى.
والحاصل أن هناك قوما صنفوا في شرح الأحاديث، فإذا جاءتهم الأحاديث التي تخالف معتقدهم في الأسماء والصفات سلكوا مسلك تأويلهم للآيات، فيفسرونها من جنس ما وقعوا فيه من تأويل الآيات من جنس ما وقعوا فيما صنفوه في شرح القرآن وتفسيره، وهؤلاء ليسوا جهلة وإنما حملهم على ذلك ما يعتقدونه، فأصروا على هذا المعتقد وتتابعوا عليه، متأخرهم يقلد متقدمهم.