إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77007 مشاهدة
ماذا يفعل من وسوس له الشيطان بقوله من خلق الله

...............................................................................


فإذا وسوس الشيطان إلى لإنسان أن هذا الوجود، إذا قلنا: إن الله هو الذي أوجده، فهل هناك أحد قبل الله حتى يوجده؟ فنتوقف عن هذا، فإن العقول تستحسر وتقصر عن أن تتصور ما قبل هذا الوجود، وتقف حائرة فيؤمن الإنسان ويقول: آمنت بالله ويعرف أن هذا من الشيطان، وأن هذه وساوس شيطانية يوسوس بها الشيطان حتى يشكك الإنسان في ربه وفي موجده، وحتى يوقعه في حيرة من أمره.
فإذا قال: آمنت بالله ثبت إيمانه، آمن بالله تعالى إلهًا وربا وخالقا ومدبرا، آمن بأن الله تعالى هو خالق الخلق، وأن كل ما في الوجود فإنهم خلقه وأنهم عبيده، وآمن أيضا بأنه سبحانه هو الذي يخلق ما يشاء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا أحد يعترض عليه، يفعل ما يشاء يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولا يقدر الخلق أن يخرجوا عن قدرته ولا عن سلطته وسيطرته عليهم، فهم كلهم تحت سلطانه وتحت ولايته؛ يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء، كما أخبر بذلك في صفاته وفي كتبه المنزلة على عباده.
والحاصل أن عقيدة المسلمين أن الله تعالى لم يسبق بعدم، وأنه سبحانه لم يزل خالقا يخلق ما يشاء، ولم يكن في وقت من الأوقات معطلا عن الخلق، وأنه يتسمى بهذه الأسماء التي ظهر أثر موجبها في خلقه قبل أن يوجدهم؛ فهو الرازق أو الرزاق قبل أن يوجد الخلق الذين يحتاجون إلى أن يرزقهم، ومن أسمائه أنه الخالق وأنه خالق كل شيء، ويستحق هذا الاسم قبل أن يوجد جنس هؤلاء المخلوقين الذين نشاهدهم.
وأن الشيطان يوسوس لكثير من الناس وأنه يوحي إليهم أن يتباحثوا، ويتساءلون من خلق كذا ومن خلق كذا، فإذا وصلوا إلى التدخل في خلق الله ومن سبقه فإن عليهم أن يعرفوا أن هذا من الشيطان.