الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
77014 مشاهدة
كلنا ذوو عيوب

...............................................................................


نحن نعرف أنه ليس أحد منا يسلم من عيب، ومن نقص في عمل ومن وجود خلل، أو وجود ذنب أو شيء عمل من المنكر، ولكن لا يجوز أن يتخذ هذا الذنب وسيلة إلى السب وإلى القدح وإلى العيب في ذلك الإنسان، وإلى تجنب فوائده وترك الاستفادة من علمه، إذا كان عنده علم وقبول نصيحته، بل الواجب أنك إذا عرفت نقصا في أخيك فلا تجعل هذا النقص وسيلة إلى أنك تفشي عيوبه وتقدح فيه، وتكبر ذلك الذنب وتعظمه عند الناس، وتجعل من الحبة قبة وتغضي عن خصاله الحسنة، فإن هذا يسبب أنه يعاديك ويقدح فيك كما تقدح فيه، وهذا مشاهد.
بل إذا أنكرت عليه شيئا فإن عليك أن تنبهه عليه، وتنصحه سرًّا فيما بينك وبينه، فإن المسلم يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح، فإذا تكلمت فيه وأظهرت عيوبه للناس فإن هذه فضيحة وليست نصيحة، وأما إذا اتصلت به وقلت يا أخي لاحظت عليك كذا وكذا، نقل عنك كذا وكذا، إذا كان يحب الخير شكرك على ذلك وتحسن وقبل نصيحتك، وإذا كان له عذر اعتذر، وقال: إن عذري كذا وكذا، وإذا كان قد كُذب عليه اعتذر، وقال: هذا ليس بصحيح ما قلت هذا ولا فعلته، وأنا أدين بالنصح وأنا أعترف بالنقص، ولكن هذا الذي نقل لك ليس بصحيح فتقبل عذره وتعرف صدقه.
فهذا ونحوه دليل على أن إظهار المساوئ وإفشاءها نقص في الدين، فإذا صنت لسانك على أن تتكلم في أخواتك وأن تقدح فيهم كان ذلك دليلا على احترامك للمسلمين؛ فلذلك قال في هذا الحديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .