الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
81765 مشاهدة
كلام الله تعالى لا يمكن أن يحصى

ثم إن الله -تعالى- قد أخبر بأن كلامه لا يحصى، ولهذا قال الناظم:
جل كلامــه عـن الإحـصـــاء
والحصر والنفـــاد والفنــــاء
لو صـار أقلامـا جـميع الشــجر
والبحر تلقـى فيـه سـبعة أبحــر
والخلـــق تكتبــه بكـــل آن
فنت وليس القـول منــه بـفــان
يعني: أن كلام الله -تعالى- لا يمكن أن يحصى، ولا يمكن أن يحاط به كله؛ فإن كلام الله ليس له بداية ولا نهاية، جل كلامه عن أن يحصيه الخلق، أو عن أن يحصروه، أو عن أن ينفد أو يفنى. فليس له منتهى، لو صارت الشجر كلها أقلاما، والبحر من بعده سبعة أبحر، والخلق تكتبه بكل آنِ؛ فنيت الأقلام وفني البحر، ولا يفنى القول من الله ولا يفنى كلامه، دل على ذلك آيتان من القرآن آية في آخر سورة الكهف: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا البحار بحار الدنيا التي تشاهدون، والتي قد تغطي أكثر من ثلاثة أرباع الأرض أو نحوها؛ لو كانت مدادا يعني: حبرا، وأضيف معها سبعة أمثالها، فكتب بها كلها؛ نفدت هذه البحار، ولا ينفد كلام الله، لو كُتب بها كلام الله، والآية الثانية في سورة لقمان: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ يمده؛ يجعله مدادا: مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر يعني: مثله سبع مرات: مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أي: لو كان جميع شجر الدنيا من أولها إلى آخرها أقلاما، ولو كانت بحار الدنيا ومثلها معها سبع مرات لو كانت مدادا، يعني: حبرا، فكتب بتلك الأقلام، وكتب بذلك المداد لتكسرت الأقلام وفنيت، ولفنيت البحار، وكلام الله -تعالى- ليس بفان، وكيف يفنى وليس له بداية ولا نهاية، والخلق لهم بداية ونهاية؟!