الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
خواطر رمضانية
12963 مشاهدة
يوم العيد

هناك من يجعل يوم العيد والأيام بعده أيام لهو ولعب وغناء وطرب، ويجتمع الخلق الكثير ويعملون ولائم، وينفقون الأموال الطائلة في إصلاح الأطعمة، ويسرفون في ما يصرفونه من الأموال في اللحوم والفواكه، وأنواع المآكل التي يعدونها للمغنين وأهل الزمر واللهو، ويستعملون الضرب بالطبول وإنشاد الأغاني الملحنة الفاتنة، وما يصحبها من التمايل والطرب، ويستمر بهم هذا الفعل بضعة أيام، حتى إنهم يسهرون أكثر الليل ويفوتون صلاة الصبح في وقتها وجماعتها.
ولا شك أن هذه الأفعال تدخل في التحريم، وتجر إلى مفاسد ما أنزل الله بها من سلطان، وتدخل في اللهو الذي عاب الله أهله بقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وفي الوصف الذي ذم الله به أهل النار بقوله: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا .
فننصح من يريد نجاة نفسه أن يربأ بها عن هذه الملاهي، وأن يحرص على حفظ وقته فيما ينفعه، وأن يبتعد عن المعاصي والمخالفات، وأن لا يقلد أهل اللهو والباطل ولو كثروا أو كبرت مكانتهم.
وقد تقدم إباحة التدرب على السلاح وتعلم الكر والفر وما يعين على الجهاد، كما فعل الحبشة في المسجد في يوم عيد لقصد حسن، وليس معه غناء ولا ضرب طبول ولا قول محرم، والله أعلم.