اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
خواطر رمضانية
12948 مشاهدة
فرضية الصيام

يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الآية ، فأخبر أن الصيام عبادة قديمة كتبت على الأمم قبلنا، وفي ذلك بيان أنه شرع قديم.
وقد ذكر أن موسى عليه السلام لما واعده ربه بلقائه، صام ثلاثين يوما ، ثم زاده الله عشرا في قوله تعالى: وَوَاعَدَنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ .
وكذلك فإن لأهل الكتاب صياما ، ولكنهم يزيدون فيه وينقصون.
ومن شهد شهر رمضان وهو عاقل مكلف فإنه مأمور بصيامه، يقول تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ … .
فعذر الله أهل المرض ، وأهل السفر أن يفطروا لأجل اليسر، ورفع الحرج، وهذا من خصائص شريعتنا وفضائل ديننا.
ولا شك أن الله تعالى حكيم في أمره وفي تشريعه، فما شرع الصوم وغيره من العبادات إلا لحكم عظيمة تعجز العقول عن إدراكها.
فالصوم فيه تأديب للنفوس وحرمان لها عن تلبية شهواتها ، ولهذا فإن الصائم ينفطم ويترك الطعام والشراب وشهوة النكاح طوال النهار، مدة قد تصل إلى خمس عشرة ساعة أو أكثر أو أقل.
ولا شك أنه في هذه الحالة غالبا ما يحسّ بفقد هذه الشهوات ، وقد يتألم ، ولكن لما كان تألمه عبادة لله وطاعة فإنه يهون على النفوس الطيبة، ويكون سهلا على النفوس التقية النقية ، ذلك أنه جوع وظمأ في مرضاة الله ، جوع سببه الامتثال لأمر الله تعالى.
ولأجل ذلك ورد في الحديث المشهور أن الله تعالى خصَّ الصوم لنفسه، ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به وفي رواية: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل: إلا الصيام… الحديث .
يقول العلماء: إن كل عمل ابن آدم له أي يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإنه لا ينحصر في هذه المضاعفة، بل يضاعفه الله أضعافا كثيرة، فلا يدخل تحت الحصر؛ وذلك لكونه طاعة خفية بين العبد وبين ربه، ولأن فيه صبرًا عن شهوات النفس، ومجاهدة لها وإرغامًا لها على طاعة الله ، ولهذا سمي هذا الشهر: شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ فيضاعف أجرهم إلى غير عدد، إلى أضعاف لا يعلمها إلا الله.
والصبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن معاصي الله.
3- صبر على أقدار الله.
وكلها تجتمع في الصوم.
أما الصبر على طاعة الله: فالصائم يصبر عن تناول الشهوات، وهذا صبر على أوامر الله، صبر على طاعة الله.
أما الصبر عن معاصي الله: فإن المسلم إذا علم أنه إذا اقترف المعصية، فإن هذا سيجلب عليه سخط الله فإنه يتجنبها.
أما الصبر على أقدار الله: فإن المسلم يصبر على ما يصيبه، وما يؤلمه من جوع وعطش، وكل ذلك دليل على أنه من الصابرين: و إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ .
ولا شك أن هذا إنما يكون في الصوم الحقيقي ، في الصوم المفيد، في الصوم الشرعي المبني على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصوم إنما يكون صومًا إذا ظهرت آثاره على الصائمين، وذلك لأن صاحب هذا الصوم هو الذي يتأثر وينتفع بصيامه.
وكذلك فإن صاحب هذا الصوم الشرعي الحقيقي هو الذي ينتفع بشفاعة الصيام له يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام: أيّ ربِّ منعتُه الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال : فيُشَفَّعَان .