اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
35127 مشاهدة
السلامة من العلة

الحديث المعلول
وكذلك السلامة من العلة، والمعلول هو: ما فيه علة خفية قادحة، فقد يطلع أحد العلماء على خطأ من أحد الرواة، كأن يقلب الحديث، أو يرويه بالمعنى، أو يرفعه وهو موقوف، أو يصله وهو منقطع أو ما أشبه ذلك فيطلع النقاد من أهل الحديث على أن فيه علة، وأنها قد خفيت على أكثر المحدثين، لكون ظاهر الإسناد الصحة، ولكن بالتتبع وبمقابلته بالأحاديث الأخرى وجد أن فيه علة خفية قادحة، ويسمى هذا بالمعلول، وقد ألف فيه تآليف كثيرة، مثل كتاب (العلل) لابن أبي حاتم في مجلدين بلغت أحاديثه التي فيها علل ألفين وثمانمائة وأربعين حديثا، رتبها على ترتيب أحاديث الأحكام من الطهارة إلى آخره، مقتصرا على الأحاديث التي فيها علل، ويعتمد غالبا في أخذ العلة على أبيه؛ لأنه كان من فرسان المحدثين، وعلى ابن عم أبيه وهو أبو زرعة الرازي، وكان من أهل العلم بالرجال، ومن أهل العلم بالعلل، وقد أكثر فيه من الأمثلة، وتوسع حتى أدخل أحاديث صحيحة علتها تكون بنسبة يسيرة.

ومثله وأوسع منه (العلل) للدارقطني فإنه قد توسع حتى علل أحاديث موجودة في الصحيحين، أو في أحدهما وكتابه أوسع من غيره، وقد طُبع منه عشرة أجزاء وفيها 2083 حديثا .
وبالجملة قلَّ أن يكون الإنسان راويا للكثير إلا ويقع في شيء من الخطأ، فيعتبره بعض الناس حديثا صحيحا وهو خطأ.