لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
35112 مشاهدة
السلامة من الشذوذ

الحديث الشاذ
ثم قال:
(ولم يشذّ أو يعل).


(الشذوذ) مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه أو أكثر منه عددا، فإنّ هذا يُعدُّ حديثا شاذا فلا يقبل، فإذا اتفق الرواة على رواية حديث، ثم رأينا واحدا منهم وكان ثقة قد خالف هذا الجمع الكثير، وأتى بزيادة كلمة انفرد بها، عرفنا أن هذا شاذ، ونقول: إنَّ هذه الزيادة شاذة، فلا تقبل لِعلة احتمال الخطأ، أو لانفراد واحد عن جمع، ومُثّل لذلك بحديث المغيرة في مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- على الخفين؛ حيث رواه عن المغيرة نحو عشرين راويا كلهم قالوا: مسح على الخفين.
وانفرد واحد يُقال له: أبو قيس عن هُزيل بن شرحبيل، عن المغيرة فقال: مسح على الجوربين والنعلين.
فنقول: هذه الرواية راويها عدل وإن كان أبو قيس فيه مقال، كما قال مسلم في التمييز صـ203. وإسنادها متصل، لكنها شاذة، والشذوذ ضعف، فلا يسمى هذا حديثا صحيحا بل يسمى إسناده صحيحا ولكنه شاذ، قد خالف فيه الثقة من هو أكثر منه وأوثق وأضبط وأكثر ملازمة وما أشبه ذلك.