لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة بكلية البنات
3673 مشاهدة
حث المرأة على حفظ زينتها


كذلك أخبر تعالى بأن مما يجب على النساء حفظ زينتهن. قال: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ؛ أي إلا ما ظهر من اللباس كالعباءة واللباس والحذاء ونحو ذلك؛ فإن هذا شيء لا تستطيع أن تستره، فزينتها هنا هي اللباس والكسوة ونحوها التي أمر بأخذها عند المساجد.
قال تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ؛ يعني كساءكم ولباسكم وما أشبه ذلك، فإذا خرجت إلى المساجد أو إلى الأسواق أو نحوها، فإنها تستر زينتها كلها إلا ما لا يمكن ستره كالثياب.
وإذا عرفنا أن هذه الأحكام تدل على الحفظ، وعلى الصيانة للمرأة عن الامتهان والابتذال؛ فإن مما يجب عليها أن تلازم بيتها فلا تخرج إلا لحاجة ضرورية؛ كحاجتها إلى زيارة أو إلى شراء حاجة، أو ما أشبه ذلك مع الحرص على أن تكون بعيدة عما يلفت الأنظار.
ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا تعطرت المرأة ثم مرت على الرجال ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا ؛ أي زانية. مع أن هذا إنما هو مجرد تعطر، مجرد تطيب.
ولكن لما أنها قربت من الرجال جلوسا أو مشاة، وقصدها أن يشموا لها رائحة عطرة كان في ذلك تعرض للفتنة، وكان ذلك فيه هذا الإثم الكبير.
وهكذا أباح الله تعالى لها أن تبدي ما ظهر من الزينة مما لا يستر، ومع ذلك أمرها بستر ما تستطيع من جسدها، فقال تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ .
فالخمار هو ما تضعه المرأة على رأسها. أمرها إذا اختمرت على رأسها بهذا الخمار أن تسدله حتى يستر وجهها، ويستر فتحة جيبها؛ فقد يكون النظر إلى فتحة الجيب يسبب فتنة مع أنه أمر عادي؛ فسترها لوجهها أولى من سترها لفتحة الجيب وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ .
أخبر بعد ذلك بأنه يباح لها أن تبدي زينتها لمحارمها، ولمن يحل النظر منه لها في قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ؛ يعني لأزواجهن أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ؛ يعني زوجها أو ابن زوجها، أو أبو زوجها، أو أبوها، أو إخوتها، أو بنو إخوتها، أو بنو أخواتها.
أو كذلك أعمامها أو أخوالها؛ يعني المحارم الذين لهم محرمية، هؤلاء تبدي لهم زينتها.
وكذلك النساء. والذي تبديه لهم ما تحتاج إلى إبدائه، فتبدي وجهها، وكذلك قد تحتاج إلى إبداء شعر رأسها، وتبدي ثدييها لإخراجهما لإرضاع طفلها، وكذلك كفيها، ومقدم ذراعيها، ومقدم ساقيها. هذا لا بأس به أن تبديه لمحارمها أو للنساء.
أما ما لا يظهر غالبا فإنها تحتشم وتستره، كبطنها وظهرها ومنكبيها وكتفيها وإبطيها وجنبيها وما أشبه ذلك، وبطريق الأولى الفخذان ومؤخر البطن ومقدمه وما أشبه ذلك. كل هذا يعتبر من العورة.
المرأة أمام الرجال أُمرت بأن تلبس ذلك الخمار، وذلك الدرع الذي يستر جميع جسدها. وإذا كانت متحلية بحلي، فعليها أن تستر حليها ولا تبديه؛ إذا كان عليها في ذراعيها حلي المعروفة الآن بالغوائش وتسمى أسورة، أو كذلك خلاخل في رجليها تستر ذلك ولا تبديه؛ ولهذا قال: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ .
يعني أنها قد يكون عليها خلخال في رجلها، فإذا جاءت أمام الرجال أو قريبا منهم؛ فلا تحرك رجليها حركة شديدة حتى يظهر صوت ذلك الخلخال؛ لأنه يلفت الأنظار.
فإذا نهيت عن إبداء صوت الخلخال، فكذلك أيضا إظهار الحلي الذي في الأصابع، والذي في اليدين؛ كل ذلك محافظة على الاحتشام.
وكذلك لا شك أن على طالبات العلم الحرص كل الحرص على أن يكن قدوة لغيرهن؛ وذلك لأنه يقتدي بها كثير من النساء في البيوت من طالبات مبتدئات، أو غير طالبات أو عجائز أو نحوهن.فعليها أن تكون قدوة حسنة في هذه الأعمال الخيرية التي منها الاحتشام، والتستر.
فإذا بدت أو خرجت في الأسواق ونحوها، فإنها تخرج محتشمة؛ حتى لا يقتدى بها في هذه الأفعال السيئة، وكذلك أيضا عليها أن تكون قدوة فيما يختص بها، وما يكون من الأمور التي تتجمل بها، أو ترتديها أو ما أشبه ذلك.
لا شك أنها بحاجة إلى شيء من الأمور المتجددة، أو التي تجددت بعد أن كانت غريبة أو لا تعرف في هذه البلاد؛ فلا تتمادى معها، ولعل التوسع في ذلك يكون بعد الأسئلة.