إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
محاضرة بكلية البنات
3677 مشاهدة
واجب المعلمة تجاه الطالبات

فأما ما يتعلق بالدراسة ونحوها؛ فمن المعلوم أن المدرّسة تحرص كل الحرص على أن تعلم الطالبة الأخلاق والآداب، كما تعلمها العلوم الشرعية من الأحكام والواجبات والمحرمات وما أشبه ذلك؛ فإن الخلق الذي تتحلى به المرأة هو أصل ما تؤمر به.
فتعلّم الأخلاق والآداب ونحو ذلك أهم بكثير من بعض المستحبات ومن بعض المكروهات وما أشبه ذلك، سيما إذا كانت تلك الأخلاق مما يخشى أنه يتسرب فعلها وينتشر، ويحصل منه الفساد؛ فننصح الطالبة والمربية والمعلمة عن المحرمات ونحوها، وعن ما يخل بالآداب.
فمعلوم أن المعلمة إذا بدت أمام الطالبات في شيء من الأعمال المنكرة، كان ذلك مما يحمل كثيرا من الطالبات على الاقتداء بهن، ويقلن: إن المعلمات يفعلن ويقلن: كذا وكذا.
أما إذا يسر الله ووفق أن المعلمة والمربية تكون قدوة حسنة في أقوالها وأفعالها؛ فإن الطالبات يتربين على هذه القدوة، ويمشين عليها في حياتهن وفي أعمالهن وفي تعليمهن وفي جميع ما يخصهن، فيقلن: إن هذا ما تعلمناه من معلماتنا ومربياتنا.
فمن ذلك الاحتشام والاستحياء في كل الحالات؛ فإن الحياء خلق محمود يحبه الله تعالى. ورد الترغيب فيه، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: الحياء خير كله وقال: إن الحياء من الإيمان .
لا شك أن استحياء المرأة أن ترفع صوتها أمام الرجال، ولو كانوا من أقاربها، ذلك لا شك من الأخلاق؛ فإذا كانت بذيئة وجريئة ومتسرعة؛ دل ذلك على رعونتها، وعلى قلة حيائها.
كان العلماء ينهون المرأة عن أن تبدي زينتها، أو تظهر بمظهرها، أو تتكلم بصوت رفيع إلا عند الضرورة؛ ولأجل ذلك أدب الله تعالى أمهات المؤمنين، ونساء المؤمنين بقوله تعالى مخاطبا لأمهات المؤمنين: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى .
وَقَرْنَ ؛ يعني اثبتن في بيوتكن. وبقوله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ؛ أي لا تلين المرأة الكلام إذا خاطبت رجلا مما يكون حاملا له إلى أن تثور منه الشهوة، فيطمع فيها إذا كان في قلبه مرض هذه الشهوة.
ولذلك منعت المرأة أن تتكلم بكلام رفيع في المحافل حتى في الصلاة. إذا ناب الإمامَ شيءٌ في الصلاة فإنها لا تصوت، وإنما تقتصر على التصفيق؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: يسبح الرجال ويصفق النساء إنما التصفيق للنساء، ومنعت في الإحرام أن ترفع صوتها بالتلبية، وإنما فقط بقدر ما تُسمع رفيقتها.
وهكذا أيضا منعن من التبرج؛ لقوله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ فالتبرج هو إبداء الزينة والظهور أمام الرجال وما أشبه ذلك.