إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
فتن هذا الزمان وكيفية مقاومتها
13025 مشاهدة
6- فتنة الدعوة الي الانحراف والضلال

ومن الفتن العظيمة الدعوة إلى أنواع من الضلال والانحراف وهؤلاء الدعاة هم من الكفرة والفجرة، الذين قد جاءوا إلينا باسم معلمين ومرشدين ومهندسين ومعماريين ودكاترة وعلماء ونحوهم! فهم أهل معرفة كما يقولون، هؤلاء غالبا قد امتلأت قلوبهم حنقا وحقدا علينا؛ لأننا متمسكون بالعقيدة السلفية السليمة، ولأننا متمتعون بالنعمة وكثرة المال والخيرات، ولأننا آمنون مطمئنون في بلادنا، لا نخاف إلا الله، فحسدونا وأرادوا أن يوقعونا فيما وقعوا هم فيه، فصاروا يدعون إلى أعمالهم، ولو أنهم لا يدعون مباشرة بالقول، لكنهم قد يدعون بالفعل، فهم فتنة وأيما فتنة!
فلنكن منهم على حذر، فلا نقدسهم ولا نحترمهم، فقد انخدع وافتتن بهم كثير، فسكنوا إليهم، وصاروا يمدحونهم!
فالذين يسافرون إليهم لا يرجعون إلا وقد مقتونا، ومقتوا آباءهم وأسلافهم، واحتقروا عباداتنا، وعظمت في أنفسهم مقادير أولئك الكفرة والفجرة!
وقالوا: ما عندكم إلا عبادات! ما عندكم إلا كتب دين! ما عندكم كذا وكذا، وأولئك يصنعون ويخترعون!
فسول لهم الشيطان أن أولئك رجال غيرنا، وأن عقولهم أذكى من عقولنا، وأنهم أتم منا معرفة، وأقوى منا أبدانا، وأكثر منا حذقا، وما عرفوا أن أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، وأنهم كما وصفهم الله بمن اشتغلوا للدنيا، وأقبلوا عليها وتركوا الآخرة! وصدق عليهم قول الله تعالى: يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [سورة الروم، الآية: 7] .
فنقول: لا تنخدع أيها المسلم بأولئك الدعاة، سواء كان الداعي يدعو بقوله. أو يدعو بفعله.
فالمعلم مثلا يدعو بقوله ويزين القول بلسانه فتجده حلو الكلام، ولكن يدس فيه السم الزعاف، فالفتنة بهؤلاء عظيمة، ومن يثبته الله ويرزقه بصيرة يكن من الناجين، ومن ضعفت عقيدته فانخدع، وقلد ذلك المعلم ونحوه، أو اعتقد أن له مزية، حيث إنه مؤهل، وله مكانة، وله مقام رفيع، وما قُدِّم إلا وله... وله... فيقلده ويصدقه، ويقع فيما دعي إليه، فيكثر الشر، ويعظم الضرر! فهؤلاء من الفتنة.
كذلك الذين جاءوا باسم (مهندسين معمارين) أو (مخالطين) أو (إعلاميين)، ونحو ذلك، وأخذوا يعملون هذه الأعمال، قد يمدحهم بعض الناس، ويقولون: إنهم يعرفون ما لا نعرف، فيحسنون الصناعات أو البناء. وبذلك يحبهم ويميل إليهم، ولا يشعر أنهم عبّاد الدنيا، ولا يشعر أنهم كفرة عصاة لا يعرفون المساجد، ولا يحضرون الصلوات، ولا يقرؤون كلام الله!!
والمسلم لا يشعر بذلك كله فيمدحهم ذلك المسكين، وينخدع بهم، ويصفهم بالأمانة والفهم والقوة، وأنهم الناصحون في الأعمال!
فمن افتتن بهم لا يدري أنهم يقومون بهذه الأعمال، وهم ما قصدوا بذلك إلا أن ينخدع بهم الخلق الكثير، وأن يعظموهم، وإن كانوا لا يحسنون العمل!
نقول لهذا: إن كنت تمدحهم تعلم مثلهم، ولكن تعلم الخير وافعله، ولا تتعلم الشر بل ابتعد عنه، فإنك تعرف أن عقائدهم ونواياهم سيئة، وإن رزقوا ما رزقوا من العلم والمعرفة الدنيوية التي هي متاع الغرور.