تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب الحسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية
20110 مشاهدة
فصلٌ: العقوبات الشرعية

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- العقوبات الشرعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور، وذلك يحصل بالعقوبة على ترك الواجبات وفعل المحرمات؛ فمنها عقوبات مقدرة، مثل: جلد المفتري ثمانين، وقطع يد السارق.
ومنها عقوبات غير مقدرة قد تسمى التعزير؛ وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كبر الذنوب وصغرها، وبحسب حال المذنب، وبحسب حال الذنب في قلته وكثرته.
والتعزير أجناس، فمنه: ما يكون بالتوبيخ الزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب؛ فإن كان ذلك لترك واجب مثل الضرب على ترك الصلاة، أو ترك أداء الحقوق الواجبة، مثل ترك وفاء الدين مع القدرة عليه أو على ترك رد المغصوب أو ترك رد الأمانة إلى أهلها فإنه يضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي الواجب، ويفرق الضرب عليه يوما بعد يوم، وإن كان الضرب على ذنب ماضٍ جزاء بما كسب ونكالا من الله له ولغيره فهذا يفعل منه بقدر الحاجة فقط وليس لأقله حد.
وأما أكثر التعزير ففيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره:
أحدها عشر جلدات، والثاني دون أقل الحدود إما تسعة وثلاثون سوطا، وإما تسعة وسبعون سوطا، وهذا قول كثير من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله جميعا.
والثالث: أنه لا يتقدر بذلك وهو قول أصحاب مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وهي إحدى الروايتين عنه.
لكن إن كان التعزير فيما فيه مقدر لم يبلغ به ذلك المقدر، مثل: التعزير على سرقة دون النصاب لا يبلغ به القطع، والتعزير على المضمضة بالخمر لا يبلغ به حد الشرب، والتعزير على القذف بغير الزنا لا يبلغ به الحد. وهذا القول هو أعدل الأقوال وعليه دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الذي أحلت له امرأته جاريتها مائة ودرأ عنه الحد بالشبهة، وأمر أبو بكر وعمر بضرب رجل وامرأة وجدا في لحاف واحد مائة مائة.
وأمر عمر بضرب الذي نقش على خاتمه وأخذ من بيت المال مائة، ثم ضربه في اليوم الثاني مائة، ثم ضربه في اليوم الثالث مائة، وضرب صبيغ بن عسل لما رأى من بدعته ضربا كثيرا لم يعده.
ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين، قال تعالى في سورة المائدة: أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وقال: من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان .
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد عليه الكذب، وسأله ابن الديلي عمن لم ينتهِ عن شرب الخمر فقال: من لم ينتهِ عنها فاقتلوه .
فلهذا ذهب مالك وطائفة من أصحاب أحمد إلى جواز قتل الجاسوس، وذهب مالك ومن وافقه من أصحاب الشافعي إلى قتل الداعية إلى البدع، وليست هذه القاعدة المختصرة موضع ذلك فإن المحتسب ليس له القتل والقطع.
ومن أنواع التعزير النفي والتغريب كما كان عمر بن الخطاب يعزر بالنفي في شرب الخمر إلى خيبر وكما نفى صبيغ إلى البصرة وأخرج نصر بن حجاج إلى البصرة لما افتتن به النساء.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد .
من واجب الدول والرؤساء والمسئولين الأخذ على يد الظلمة وقمعهم إذا تمادوا في الظلم، أو تمادوا في المعاصي وذلك لأن المعاصي سبب لنزع البركات وقلة الخيارات، وسبب لنزول العقوبات السماوية فإذا تركت المعاصي تنتشر وتتمكن في الأرض وترك أهلها يفعلون ما يشاءون تفشت وكثرت وكثر الدعاة إليها وقل الخير وقل أهله فعند ذلك يعاقب الله الجميع عقوبة عامة جزاء على تركهم لما حرم الله يظهر وينتشر.
ولما حرم الله المعاصي وبين إثمها وذنبها في الآخرة شرع عقوبة دنيوية وذلك لأن الكثير من الناس قد لا ينزجر إذا ذكر إذا قيل له: إن الله أعد للكافرين عذابا أليما، لم ينتبه، إذا قيل له إن النار حرها شديد فعليك أن تخاف الله وأن تتوقى عذاب النار، لا ينزجر ولا يتعظ، إذا قيل له إن الله حرم هذا الزنا وحرم الربا وحرم السحر وحرم الخمر وحرم أكل أموال الناس بالباطل، وحرم القتل، وحرم الاعتداء، وإنه توعد عليها بالعذاب الوبيل في الدار الآخرة، فخف الله تعالى ولا تقدم على هذا العذاب.
فكثير من الناس قد تذكره وتعده وتمنيه وتبين له وتخوفه وتحذره وتذكر له شناعة الذنوب، وتذكر له عقوبتها في الآخرة والتحذير من أن يعجل الله له العقوبة في الدنيا، وما أشبه ذلك.
ولكن إذا قسا قلبه فإنه لا يلين ولا يرتدع عما هو عليه، بل يستمر على ذلك.
الذنب ويبقى عليه ولو خوف ثم خوف، وإذن فكيف يصلح الناس وكيف ينزجرون، وكيف يتركون هذه المحرمات، وكيف يأمن الناس من عقوبة الله في الدنيا.
لا شك أن ذلك بالأخذ على يد الظلمة، بالأخذ على يد العصاة والحيلولة بينهم وبين المعاصي وزجرهم وعقابهم بما ينزجرون به.
ولذلك هذا الأثر كما سمعنا مروي عن عثمان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
الوزع معناه الكف؛ يعني يكف بعقوبة السلطان ما لا يكف بعقوبة القرآن، أو بزجر القرآن.
يعني أن كثيرا من الناس لو خوف ثم خوف بالعذاب الأخروي ما تذكر ولا اتعظ، ولكن إذا قيل له إن ناسا يعاقبوك وسنضربك ونجلدك ونقتلك ونحبسك فإنه يخاف وينزجر ويبتعد عن الآثام وعن المحرمات.
أتذكر أنا مرة كنا في طريق من مكة إلى الرياض ومعنا إنسان لم يصل الصلوات التي مرت بنا، فوقفنا مرة وخوفناه وحذرناه وبينا له أن ترك الصلاة كفر وأن فيها العقوبة الأخروية، وأنك مسلم وأنك عليك أن تخاف الله وأن تتقي عقابه وسخطه ولكن قلبه قاسٍ لم يلن ولم ينزجر، ولما رأينا ذلك الإصرار منه اجتمعنا على أن نمده ونجلده، وأن نضربه إلى أن يصلي الصلوات التي تركها، فلما رأى الجد منا قام وصلى.
هذا عقوبة خفيفة يعني خوفا من جلدات يجلد بها.
لا شك أن الإنسان إذا تذكر أنه سيفضح أمره وسيعاقب أمام الناس وسيجلد جلدا يؤلم جسده فإنه يتعظ ويخاف من العقوبة الدنيوية، أما أهل الإيمان وأهل اليقين وأهل الخوف من الله تعالى وتذكر ثوابه وعقابه، فإنهم يتذكرون إذا ذكروا ويتعظون إذا وعظوا ويخافون إذا خوفوا ويتعلمون إذا عُلِّموا، فإذا ذكر أحدهم بالله تعالى وبعقوباته في الآخرة تذكر واتعظ وأثرت فيه المواعظ وانزجر عن ما حرم الله تعالى وترك المحرمات، وأقبل على الطاعات هذا ينفع فيه الوعظ والتذكير والإرشاد والتخويف، وما ذاك إلا أنه آمن بالدار الآخرة وآمن بالله إلها وربا وآمن بوعده ووعيده، وصدق بأنه أحل هذا وحرم هذا، وأنه وعد على الطاعات بالثواب وتوعد على المعاصي بالعقاب.
فمثل هذا ينتفع بالموعظة وينتفع بالذكرى، بخلاف القاسية قلوبهم فإنهم لا يتذكرون كما قال الله تعالى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ يسخرون منك، كثيرا ما يسخرون ويستهزئون وإذا رأوا يستسخرون يهزءون بمن يتكلم في الآخرة، وبمن يتكلم في الطاعات وفي العقوبات الأخروية يسخرون منهم، لماذا؟ لأن قلوبهم قاسية كما أخبر الله تعالى عن القلوب القاسية التي لا تلين وأنها كالحجارة أو أشد قسوة.
ولما كان كذلك شرع الله تعالى العقوبات الدنيوية ليكون فيها فيها زجر عن اقتراف المعاصي ورد أنه -صلى الله عليه وسلم -قال: لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فواكلوهم وشاربوهم فضرب الله بقلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ثم جلس رسول -صلى الله عليه وسلم -فقال: والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم .
مع أن ترك العقوبات وترك العصاة يتمادون في المعصية سبب في العقوبات الدنيوية قبل الأخروية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الناس إذا رأوا العاصي ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، وقال: إن المعصية إذا خفيت لن تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت ولم تغيَّر ضرت العامة فهكذا أخبر -صلى الله عليه وسلم -وذلك يستدعي أن العامة يلزمهم أن يغيروا ما يقدرون عليه.
ثم إن الله تعالى شرع عقوبات زاجرة عن هذه المعاصي؛ وذلك لأن المعاصي منها ما هو حق لله تعالى ومنها ما هو حق للآدميين؛ فإن شرب الخمر حرام وهو حق لله تعالى، الشارب: قد يقول ما يضركم أنا الذي صنعت الخمر وأنا الذي شربتها وضررها علي فكيف تنكرون علي وكيف تعاقبونني، فالجواب: أنك تجرأت على حرمات الله تجرأت على ما حرم الله وأقدمت على معصية الله، فكان حقا علينا أن نعاقبك بما شرع الله، وبما بينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في هذه العقوبات، وقد سمعنا أنه إذا لم ينزجر إلا بالقتل قتل، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال في شارب الخمر: إذا شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه يعني: إذا جلد أربع مرات، ومع ذلك أصر وعاود فإن ذلك دليل على أن هذا ديدنه وعادته وأنه لا يكفي فيه الجلد وأنه لا يطهر ولا تطهر البلاد إلا بإزالته عن هذا الوجود وبإعدامه فأمر بقتله.
وكذلك بقية الحدود أمر الله تعالى بالقصاص في القتلى إذا تجرأ إنسان وقتل نفسا بريَّة بغير حق كان حقا على الأمة أن يزيلوا هذا القاتل من الوجود، ولكن هذا فيما إذا ظهر أنه متعمد، وأنه مفسد في الأرض، وطالب بذلك أولياء ذلك القتيل فإنها النفس بالنفس كما أمر الله، وهكذا أيضا إذا تجرأ إنسان على جريمة الزنا فزنى وهو محصن يعني قد تزوج زواجا صحيحا وقد أحصن فرجه، ثم تجرأ على الحرام وزنى وثبت ذلك عنه، فإنه والحال هذه لا بد أن يزال عن الوجود ويقتل بأشنع قتلة يقتل قتلة شنيعة وهي أنه يرجم بالحجارة إلى أن يموت.
لا شك أن هذا لأجل الزجر عن هذه المعصية الشنيعة، وهكذا رتب الله تعالى عقوبات على حقوق الآدميين، فالإنسان الذي يرمي محصنا أو محصنة بفعل الفاحشة فيقول: إن هذا قد زنى أو إن هذه زانية، ولا يثبت ذلك بالبينة ويتهم بأنه كاذب، ويكون ذلك الذي قذف من المحصنين يعني من أهل العفاف فإنه يؤخذ الحق منه بأن يجلد ثمانين جلدة، ويحكم بفسقه وترد شهادته زجرا عن هذا الذنب الشنيع الذي فيه إضرار بالمسلم وإشاعة للفاحشة .
وهكذا أيضا رتب الله تعالى عقوبة على السرقة التي هي أخذ المال بخفية من حرزه، رتب الله عليه عقوبة ظاهرة وهي قطع يده قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ لا شك أن قطع يده زجر عن أن يعود؛ وذلك لأن هذه اليد تعدت وخانت فهانت قيمتها، كان فيها نصف الدية نصف دية النفس فلما خانت هانت.
ثم هناك أيضا عقوبات على معاصي لم يكن فيها مقدر ؛ فللحاكم أن يحكم بما ينزجر به العصاة الذين يقعون في تلك المخالفات وفي تلك المعاصي، وتتفاوت العقوبات بتفاوت الذنوب؛ فمنها ما يكون عقوبته القتل، ومنها ما يكون عقوبته الجلد، ومنها ما يكون عقوبته النفي أو السجن أو التوبيخ أو الفصل عن الأعمال أو ما أشبه ذلك؛ وذلك لأن المعاصي بلا شك إذا فشت وتمكنت أضرت بالأمة كما وردت في الأحاديث التي ذكرت.
فلذلك لا بد أن المسلمين يتحاشون هذه المعاصي والمحرمات، ولا بد أيضا أنهم يتعاونون على الأخذ على يد الظلمة، فإذا عرفوا هؤلاء الذين يشيعون الفاحشة تعاونوا عليهم قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فلا تتركوهم يشيعون الفاحشة، فكذلك إذا عرفتم أن هؤلاء يصنعون الخمور أو يروجون المخدرات فإياكم والستر عليهم لأنهم يفسدون، وهكذا إذا عرفت أن هاهنا عصابات يختلسون الأموال ويتسلقون الحيطان ويسرقون ما في المنازل فلا تستر عليهم، بل عليك أن ترفع بأمرهم وأن تدل عليهم حتى لا يعظم شرهم.
وهكذا أيضا إذا عرفت مجتمعات تكثر فيها الفواحش وترتكب فيها جريمة الزنا أو جريمة اللواط وجريمة فعل المنكرات أو شرب المسكرات ونحوها، وعرفت أن لهم أماكن يجتمعون فيها، فلا يجوز لك أن تستر عليهم، بل عليك أن ترفع بأمرهم حتى يؤخذ على أيديهم وحتى يفرقوا أو يعاقبوا بعقوبة تمنعهم وتمنع أمثالهم وذلك من التعاون الذي قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .