اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
80568 مشاهدة print word pdf
line-top
باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

قال رحمه الله: باب تطوع قيام رمضان من الإيمان: حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قام رمضان إيمانا واحتسابا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه .


قيام رمضان: الصلاة في لياليه. وهذه أيضا من الأعمال التي يحبها الله؛ فإنه يحب أن يتطوع العباد بجنس ما فرضه عليهم. فرض الله الصلاة وأحب أن يتقربوا بجنسها يعني: بنوافل. وفرض الصيام وأحب أن يتقربوا بنوافل التي هي صيام التطوع. وفرض الصدقة كالزكاة وأحب أن يتطوعوا بجنسها يعني: صدقات التطوع والتبرعات وما أشبهها.
فمن جنس الصلاة قيام رمضان. جاء في هذا الحديث أن من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه يعني: لم يحمله إلا الإيمان حمله الإيمان، أو أن قيامه زيادة في الإيمان. يحصل هذا الأجر لمن احتسب وصبر وقام ليالي رمضان من أوله إلى آخره.
قيل: يحصل لمن قام نصف كل ليلة أو ثلثها متهجدا متطوعا؛ وذلك لأن الله تعالى أمر نبيه بذلك في قوله: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ هكذا أمره. ثم أخبر بعد ذلك بامتثاله فقال: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ يعني: قريبا من ثلثي الليل. وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ أي: وتقوم ثلثه.
وهذا فعله -صلى الله عليه وسلم- طوال السنة. ولا شك أن رمضان أولى بأن يهتم به؛ ففي هذا الحديث أن من قام رمضان يعني: قام لياليه. فله هذا الأجر إذا احتسب، وكان احتسابه أن يحمله على ذلك الإيمان بالله والاحتساب؛ الإيمان الذي امتلأ به قلبه، والاحتساب الذي هو طلب الأجر.

line-bottom