اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
درس الفجر - القواعد الأربعة
4426 مشاهدة
الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية


الشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة. الشفاعة المنفية هي الشفاعة الشركية التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فمن طلب من الله شيئا لا يقدر عليه إلا هو وقال أريد الشفاعة فقد أشرك؛ وذلك لأنهم لا تغني شفاعتهم شيئا لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ .
ولذلك قال تعالى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا يعني في الآخرة، وقال تعالى: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ وفي هذه الآية في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وهو يوم القيامة؛ يعني قدموا لآخرتكم شيئا ينفعكم من النفقات والعبادات قبل أن يأتيكم ذلك اليوم الذي ليس فيه بيع، يعني لا يملك أحد شيئا يتجر به، ولا يملك أن يبيع شيئا يفتدي به، ولو ملك الأرض كلها لافتدى بها كما في قوله تعالى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ .
ولا خلة الخلة: الصداقة والأخوة؛ أي ليس هناك بين الناس أخوة، بل كل خليل يتبرأ من خليله. في الدنيا هناك أخلة ولكن تنقلب خلتهم يوم القيامة عداوة، قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ فهكذا لا خلة ولا أخوة ولا قرابة، بل كل قريب يتبرأ من قريبه: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .
ولا شفاعة أي: ليس فيه الشفاعة الشركية التي تطلبونها من الأموات، أو تطلبونها من غير الله، يوم القيامة يأتون إلى آدم ويقولون اشفع لنا فيعتذر ثم ... لفصل القضاء، هذه شفاعة بإذن الله تعالى. أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يشفع إلا بعد إذن الله، حتى يقول الله له: ارفع رأسك، وسل تُعطَ، وقل تسمع، واشفع تشفع فلا يبدأ بالشفاعة إلا بعد أن يأذن الله ويقول له: اشفع.
ولهذا جاء هذان الشرطان في القرآن، يجمع الله بينهما وقد يذكر أحدهما، جمع بينهما في سورة النجم: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى يأذن ويرضى: الإذن للشافع، والرضى عن المشفوع فيهم.
وكذلك قال تعالى: يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا أذن للشافع، ورضي عن المشفوع له.
وذكر الرضا في سورة الأنبياء قال تعالى: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى أي: لمن رضي قوله، ومعلوم أن الله لا يرضى عن القوم الكافرين، كما أخبر بذلك: فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يأذن للشفاعة فيهم، وقال تعالى: وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ .
وأما الإذن فذكره في آيات كآية الكرسي: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ الأنبياء يتوقفون عن الشفاعة في الآخرة إلا بإذن؛ إذا أذن الله لهم وقال: أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه دينار من الإيمان يخرجونهم بإذن الله، فيأذن الله للأنبياء وللملائكة وللصالحين أن يشفعوا في بعض من دخل النار حتى يخرجوهم إذا كانوا من أهل التوحيد، وإنما دخلوا النار ببعض المعاصي.
فالحاصل أن الشفاعة إنما تنفع بهذين الشرطين. الشرط الأول: الإذن للشافعين: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ والشرط الثاني: الرضا عن المشفوع فيهم من أهل الذنوب: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى .