إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
درس الفجر - القواعد الأربعة
4368 مشاهدة
القاعدة الرابعة: مشركو زماننا أغلظ شركا من الأولين


القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة؛ والدليل قوله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


هكذا هذه القاعدة: بيان أن المشركين الأولين ليسوا دائما يشركون، بل يخلصون في الشدة؛ إذا كانوا في الرخاء فإنهم يدعون الله ويدعون غيره، وأما إذا كانوا في شدة فإنهم يخلصون الدين لله ولا يعبدون إلا الله.
ذكروا لما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة هرب بعض المشركين من مكة وأرادوا أن يهربوا إلى الحبشة أو إلى إفريقية فلما ركبوا في الفلك -في سفينة- وأخذت تضطرب بالأمواج قال لهم الملاح: لا ينفعكم في هذا الوقت إلا الإخلاص، ادعوا الله وحده، أخلصوا له؛ ففكروا وقالوا: إذا كان هو الذي يعبد في الشدة فهو الذي يعبد في الرخاء، فلماذا نترك عبادته في الرخاء؟ فرجعوا وتابوا وأسلموا، وقالوا: الذي يعبد في الشدة هو الذي يعبد في الرخاء.
ذكر الله في آيات كثيرة أنهم يخلصون في الشدة، قال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ؛ إذا نجاكم إلى البر عدتم إلى شرككم، وكذلك في هذه الآية: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ إذا ركبوا في الفلك ومالت بهم السفينة وخشوا من الغرق؛ أخلصوا الدين لله: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ لما نجاهم وسلموا عادوا إلى شركهم، في آيات كثيرة.
أما مشركو زماننا فإن شركهم دائم في الشدة والرخاء، بل قد يشتد في الشدة؛ إذا نزلت بهم شدة فإنهم يرفعون أصواتهم يدعون آلهتهم، كما حصل ذلك كثيرا.
ذكر بعضهم -بعض العلماء- أن أحدهم كان يسوق له بقرا في عقبة من العقبات، فلما كان قريبا من أعلاها سقط ثور وتدهده من قمة الجبل؛ فأخذ ينادي: يا محمد أنقذه يا محمد أنقذه، ولكن الثور تكسر وتدهده؛ فأخذ يدعو الجن ويقول: يا جن أنقذوني، يا جن أنقذوني، محمد يشتهي المرقة؛ ظن أن محمدا ما نصره لأنه يريد أن يموت ذلك الثور حتى يشرب من مرقته -نعوذ بالله من الحرمان.
وذكروا أيضا: أن قوما قبل عشرات السنين ركبوا في سفينة ومعهم رافضية معها أكياس من القهوة، ولما توسطوا في البحر أخذت السفينة تموج وتضطرب، فأخذت تنادي: يا علي يا علي أنقذنا، عرفوا أنهم لا بد أن يلقوا في البحر شيئا من أمتعتهم حتى لا يغرقوا؛ فألقوا أكياسهم كلها، ومن جملتها أكياس الرافضية، ولما وصلوا إلى بلدهم في الأحساء قالت: أين أكياسي؟ قالوا: اطلبيها من علي أنت تدعين عليا أن ينقذك، أخذها علي .
والقصص كثيرة في أن هؤلاء إنما يشتد شركهم في الشدة، ويشركون في الشدة أشد من شركهم في الرخاء؛ فصاروا بذلك أشد من شرك الأولين والعياذ بالله.
أسئـلة
س: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل .. يطوف بقبر مثل الطواف بالكعبة فهل يمكن أن أوصفه بالشرك، كأن أقول: فلان مشرك، أو أنت رجل مشرك؟
نعم. يجوز ذلك، إذا عرفت أنه يطوف بهذا القبر؛ فإن هذا الطواف يعتبر شركا، تقول: رأيت فلانا يطوف وطوافه شرك، وتقول: أشرك فلان.
س: فضيلة الشيخ. ما السر في ذكر شرطي الشفاعة مقترنين في آيات ومنفردين في آيات أخرى؟
وذلك بناء على المناسبات؛ يعني كأن بعضهم يقول: إنما نعبدهم لفضلهم؛ فيقال: إنهم لا يشفعون إلا برضاه إلا عمن رضي الله. فاعملوا العمل الذي يرضي الله تعالى حتى يشفعوا لكم.
وأحيانا يقولون: نطلبهم ليشفعوا لنا؛ فيقال: إنهم لا يشفعون إلا إذا أمرهم الله أو أذن لهم.
س: السؤال الثاني: ذكر بعض العلماء أن الله سبحانه وتعالى يوصف بالسكوت مستدلين بالحديث: وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فما قولكم حفظكم الله؟
يوصف بما وصف به نفسه، فكونه سكت عن أشياء بمعنى أنه لم يبينها، وهذا لا يدل على أنه لا يتكلم في حين من الأحيان، بل من عقيدة أهل السنة أنه يتكلم إذا شاء بما يشاء.
س: فضيلة الشيخ إني أحبكم في الله، والسؤال هو: أننا نجد مشركي زماننا إذا ضاق بهم ذرعا أو تقطعت بهم الحبال التجئوا إلى الحبل الذي لا ينقطع وهو الله بخلاف قول المؤلف في القاعدة الرابعة؟
لا شك أن هذا يقع من أناس من الذين يفزعون إلى الله تعالى، ولكن ليس هذا دائما، بل كثير من القبوريين يشركون، في الشدة ويشتد شركهم.
س: فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم. جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل خالدا أزال الشجرة، ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود فيقتل المرأة، فهل العزى الشجرة أم المرأة، وجزاكم الله خيرا؟
يسمون الشجرة بالعزى، ولكن في الحقيقة أن العبادة إنما تعبد على تلك الجنية التي تكلمهم من الشجرة.
س: فضيلة الشيخ حفظكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في رسالة ثلاثة الأصول ورد: (اعلم رحمك الله أنه يجب علي كل مسلم تعلم أربع مسائل..) وذكرها.
ثم قال في موضع آخر: (اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم تعلم ثلاث مسائل..) وذكرها، فقال السائل: لماذا هذا التقسيم، فهل كل قسم له متعلق وله علة، أم أنه لا فرق، وبالتالي كان ينبغي أن يقال: اعلم -رحمك الله- أنه يجب تعلم سبع مسائل؟
هذه رسائل كتبها الشيخ -رحمه الله- كفوائد.
فالرسالة الأولى ذكر فيها أربع مسائل: العلم ثم العمل ثم الدعوة ثم الصبر.
وفي الرسالة الثانية ذكر فيها ثلاث مسائل: المسألة الأولى: الحجة التي هي خلق الله تعالى، وأنه خالق الخلق، والثانية: وجوب الإخلاص والتوحيد، والثالثة: ترك الموالاة.
وهذه الثلاث داخلة في الأولى التي هي العلم يعني أن الإنسان إذا علم -إذا كان معه علم-؛ عرف أن ربنا سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا وأرسل إلينا الرسل، وعرف بأنه لا يرضى أن يشرك معه أحد، وعرف أنه لا يجوز لنا موالاة من حاد الله؛ فكل بعضها داخلة في بعض ولكن هذا من باب التفصيل.
س: في سؤاله الثاني: رجل ساهم في مشروع تجاري بمبلغ من المال السؤال: متى تجب عليه الزكاة؟ وكيف يزكيها من الربح أو من أصل المال؟
الأصل أن المساهمات إذا كانت في شركات تجارية؛ فإن الزكاة تخرجها الشركة، وأما إذا كانت عادة رأس المال والأرباح، إذا كانت الشركة جعلت رأس مالها في معدات كالشركات الصناعية؛ فالشركة في الأرباح، فإذا دفعوا إليه أرباحه؛ زكى الأرباح؛ لأن رأس المال بعلب المصانع وبالمكائن وبالسيارات التي يشتغلون بها، وما أشبه ذلك.
س: سماحة الشيخ ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية في سيرة طاووس رحمة الله عليه.. قال لولده: إذا مت فانبش عن قبري فإن وجدتني فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإن لم تجدني فالحمد لله؛ فنبش القبر فلم يجده فقال: الحمد لله، فهل هذا ثابت عنه؟
ليس بصحيح، ولا يمكن أن طاووس رحمه الله يقول مثل هذا القول، إنما هذا من توليد بعض المؤرخين الذين يولدون مثل هذه القصص يوهمون أن هذا ولي وأنه رفع، وليس كذلك.
س: فضيلة الشيخ: هل الدهر من أسماء الله تعالى؟
لا يسمى الله تعالى بهذا الاسم، قوله في الحديث: يسب الدهر وأنا الدهر ؛ فسره بقوله: أقلب الليل والنهار لما كان الله هو المتصرف كان الذين يسبون الدهر كأنهم يسبون الله؛ فلذلك قال: وأنا الدهر يعني: وأنا خالقه وأنا مدبره.
س: سؤاله الثاني: إذا سافر جماعة وأمروا عليهم أميرا، فهل للأمير أن يعاقب أحد الجماعة بضرب، أو منعه من مصلحة، أو عقاب مالي بسبب أنه ارتكب خطأ، أفتونا مأجورين؟
هذه الإمارة إنما هي بمعنى الاستشارة، ولا يجوز له والحال هذه، إنما عليه -عليهم جميعا- أن يكونوا قائمين على من خالف شيئا من التعليمات، أو ارتكب شيئا من المنهيات.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .