قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
الحج منافعه وآثاره
17254 مشاهدة print word pdf
line-top
ثالثا : منافع التلبية

أول شيء يبدأ به الحاج -قبل أن يعقد النية- أن يعزم على أن يدخل في النُّسك الذي يريده، فإذا عزم فإنه يعقد النية ويرفع صوته بالتلبية.
فما المنفعة من هذه التلبية؟ ولماذا شرعت عند الإحرام بالعمرة أو بالحج وجُعلت شعارا للحجاج؟
لا شك أن لهذه التلبية منفعة عظيمة؛ ذلك لأنها إجابة لدعوة الله تعالى على لسان إبراهيم -عليه السلام- عندما أمره ربه بهذا النداء بقوله : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ .
رُوي أنه صعد على جبل أبي قبيس فقال : يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا . فسمعه من هو في أصلاب الرجال, ومن هو في أرحام النساء, فصاروا يأتون قائلين : لبيك, لبيك. أي : نحن مجيبين لدعوتك, ملبين لطلبك, فلا شك أنها إجابة لنداء الله سبحانه وتعالى.
وهذا النداء الذي أمر الله تعالى به, والذي نحن نجيبه بهذه التلبية, لا بد أن يكون له أثر, وهذا الأثر هو أننا نلتزم الإجابة في كل الحالات, ليس في هذه الحالة فقط؛ ذلك لأن الملبي كأنه يعاهد ربه على أن يلتزم بالطاعة مرات متتابعة ولا يخل بها. إذا قال : (لبيك) فمعناها : أنا مجيب لدعوتك, أنا ملازم لطلبك, أنا ملازم لطاعتك, أنا مجيب لك مرة بعد مرة, لا أتخلف عن عبادتك, ولا أتخلف عن طاعتك.
هكذا ذكروا أن هذه فائدة التلبية, ومعناها أن الذي يلبي كأنه يلزم نفسه, كأنه يقول: إني ملتزم بطاعتك يا رب دائما؛ وإذا كان كذلك فلا يجوز له أن يتخلف عن هذه الطاعة ولا يتركها إلى المعصية, فلا يرجع إلى المعصية لأنه عاهد ربه بهذه التلبية, وأجاب ربه بهذه التلبية التي فيها الالتزام, فلا يجوز له أن يتخلف عنها فيما بعد ويترك الطاعة ويجعل بدلها معصية فيكون قد كذب في قوله : لبيك, ولم يصدق فيما التزم به.

line-bottom