لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
الحج منافعه وآثاره
17259 مشاهدة print word pdf
line-top
ثانيا: منافع الإحرام

عندما يقبل المسلم إلى المواقيت التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- المحيطة بالحرم يعرف أنه قرب من هذا المكان الذي أمر الله تعالى بالتوجه إليه في قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فإذا أتى وقرب من هذه الأماكن المقدسة استعد لذلك, فأولُ عمل يقوم به هو أن يتجرد من ثيابه المعتادة, ويلبس ثيابا خاصة.
ما هي المنفعة من هذا اللباس الذي يشبه لباس الموتى؟!
من هذه المنافع أنه يتذكر الانتقال من الدنيا! وأنه هكذا يخرج منها. فيخاطب نفسه قائلا : فأنا الآن قد خلعت زينتي, وخلعت لباسي, وجميع ما كنت أتجمل به, وارتديت رداء ألقيته على ظهري, وإزارا سترت به عورتي, فهذا يذكّرني بالحال الأخروية, ويذكّرني بالدار الآخرة, ويذكّرني بالانتقال من الدنيا.
ومن المنافع اتفاق الحجاج كلهم على هذا اللباس, لا فرق بين غنيّهم وفقيرهم! وبين أسودهم وأحمرهم وأبيضهم! وبين صغيرهم وكبيرهم! كل الرجال على حال واحد! لا شك أن ذلك يفيد أن الناس كلهم على حدٍّ سواء, مستوون عند الله سبحانه وتعالى, بمعنى أنهم في الحق سواء, وأنهم في العبودية سواء.
عند ذلك يشعر الغني أنه مساوٍ لغيره, لا فرق بينه وبين الفقراء, فيحمله ذلك على أن يتعاطف معهم, ويحسن إليهم, ويواسيهم, ويعلم أنه وإياهم أخوة, وأنهم متساوون في حق الله تعالى وفي حق عبادته.
ويحمله ذلك أيضا على أن يتواضع لله ولا يتكبر, ولا يغترَّ بنفسه إذا علم بأن جميع المسلمين على حد سواء في هذه الحال, فيزول ما بين المسلمين من البغضاء.
وَصَفَتِ المودة في قلوبهم واجتمعت كلمتهم, فتآلفوا وتعارفوا وتقاربوا في ذات الله سبحانه وتعالى, فكان ذلك سببا لتعاونهم التعاون المطلوب؛ الذي هو التعاون على البر والتقوى, والتعاون على تنفيذ حقوق الله, وحدود الله, والتعاون على جبر الضعفاء, وعلى جبر المنكسرين ونحو ذلك. تشاهدهم يوم عرفة على هيئة واحدة, كاشفين رءوسهم, مرتدين هذه الأردية, مؤتزرين بهذه الأزر, كلهم على حد سواء, فتقول :
أين الأمير من المأمور؟!
أين الغني من الفقير؟!
أين الكبير من الصغير؟!
لا فرق بينهم.. كلهم على حال واحدة متساوون.
لا شك أن لهذه الحكمة منافع عظيمة, وهي أنهم يتحابون في ذات الله, ويتقاربون, ولا يحتقر بعضهم بعضا, ولا يزدري بعضهم بعضا, ولا يتكبر بعضهم على بعض, بل يكونون جميعا متآلفين ومتحابين في ذات الله سبحانه وتعالى, ولو كان بعضهم أغنى, أو أرفع رتبة, أو أشرف أو أسن, فالفرق بينهم إنما هو بالتقوى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ .

line-bottom