اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الأمانة
8419 مشاهدة
حقوق العباد

إن حقوق العباد لا بد فيها من المحاصّة والمقاصّة، سواءً كانت من الأعراض، أو الأموال، أو الأسرار، أو نحوها؟ فلا بد فيها من المحاصة عند الله تعالى.
فلأجل ذلك بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهمية حقوق العباد، فثبت عنه-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لَتُؤَدَّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء .
وتشمل هذه الحقوق حقوق الناس بعضهم لبعض، فمن أخذ شيئًا، أو ظلم إنسانًا، فإن تلك الحقوق لا بد فيها من القصاص لا محالة.
لذلك سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث مشهور أصحابه عن المفلس، فقال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع! فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرح في النار .
فهذا الوصف جعل لمن لم يكن مؤتَمنًا على الناس وحقوقهم فيكون يوم القيامة مفلسًا غاية الإفلاس، ولو كانت أعماله كالجبال، يتقاسم حسناته أصحاب الحقوق الذين خانهم؛ وعلى هذا النحو تؤدَّى الحقوق والأمانات التي خان فيها من اؤتمن عليها يوم القيامة، سواء كانت تلك الحقوق والأمانات ودائع، من المتاع أو الكساء أو الإناء أو السيف، أو غيرها من أنواع المعاملات، من الديون والرهون والعقود وغيرها مما وثق فيه صاحبه، فإن خانه فإنه سيحاسب على خيانته عند الله.
والخيانة في الأمانات تكون على وجوه منها:
1- استعمال شيء لم يأذن صاحبه باستعماله: كلبس الثوب، أو النعل، أو ركوب الدابة أو السيارة، وهكذا سكنى دار ائتمنك عليها ولم يأذن لك بالسكن فيها.
2- جحود الأمانة وهو من الخيانة للأمانات التي لا بد أن تؤدى. وفي حديث مشهور ذكره ابن كثير عند تفسير هذه الآية نقله عن ابن جرير عن عبد الله بن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها -أو قال: يكفر كل شيء- إلا الأمانة، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أَنَّى يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أَنَّى يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له: أَدِّ أمانتك، فيقول: أَنَّى يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقول: اذهبوا به إلى أمه الهاوية، فيذهب به إلى أمه الهاوية، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها، فيجدها هناك كهيئتها فيحملها فيضعها على عاتقه فيصعد بها إلى شفير جهنم، حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت قدمه فهوى في أثرها أبد الآبدين .
وعلى كل حال فإن حقوق العباد -كما ذكرنا- مبنية على المحاصّة والمقاصة، فعلى العبد أن يحذر من هذه الحقوق التي لا بد من القصاص فيها يوم القيامة.
3- تفويت المنفعة في الأبدان أو في الحقوق:
* أما في الأبدان: فمن الخيانة فيها الاعتداء على الغير بالضرب والشج أو القتل في موضع لا يطلع عليه فيه أحد، ثم يخفيه كأنه لم يفعل شيئًا، كما يفعل ذلك في حوادث السيارات وغيرها، فعند خلو الشارع أو موضع الحادث من مراقبة الناس أو الشرطة، فيجتهد صاحبه في إخفاء نفسه، حتى يذهب ويفوت على هذا الشخص المصاب بالشجة أو الجرح أو القتل الانتفاع بحقه في الحياة، ولكن الله مطلع عليه ومحاسبه يوم القيامة، ومستوف حق صاحبه من حسناته، فإن لم تكن له حسنات حمل من سيئاته ثم طرح في النار.
* وأما في الحقوق والأملاك: فإن من الناس من يشتري أو يستدين ويكتب ذلك بالوثائق الرسمية، فإن عرض عارض لصاحب الحق أو الدين، كاحتراق وثائقه أو ضياعه، بادر الآخر بحرق ما عنده من الوثائق المثبتة للحق عليه استعدادًا لإنكاره عليه وجحوده، ظانًّا أنه بهذا قد أخفى الحقيقة، ولكن الله مطلع عليه، وسيوفي حق أخيه منه يوم القيامة.
ولو كان الإنسان ناسيًا لهذا الحق، فإن الله -تعالى- يعفو عنه، وقد يجازي صاحب الحق على عفوه، وعلى الإنسان أن يكون محسنًا للظن بكل مسلم خانه، ولا يجازيه بالخيانة، وعليه أن يحسن معاملته مع الناس، وييسّر على معسرهم، ويعذره، ويسقط عنه، أو يخفف عنه بعض الأشياء لعل الله -تعالى- أن يتجاوز عنه.