إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الأمانة
13803 مشاهدة print word pdf
line-top
الأمانة ضالة المؤمن

سمى الله عباده مؤمنين، والمؤمن هو الذي يراعي هذه الأمانة ويعمل بها ويوثق وثاقها.
والأمانة من الأمن أو الإيمان؛ فهو مؤمن ومؤتمَن، ولأجل هذا وُصف بأنه من أهل الأمن والإيمان الذين يؤدون الأمانة حق الأداء، وذلك في قوله -تعالى- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ .
والأمانة هنا عامة فيما يتعلق بالعبد من حقوق ربه، ومن حقوق عباد الله. وصف الله المؤمنين بأنهم يرعونها، أي يقومون بها حق القيام، ويؤدونها حق الأداء، فإذا كانوا كذلك فإنهم من عباده المفلحين الذين ذكرهم الله في قوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ .
ويجب على العبد أن يكون قائمًا بهذه الأمانة في كل حالاته ؛ لأنها من الحقوق التي أمرهم بها، وهي العهد المذكور في هذه الآية: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ .
ويدخل في هذا العهد المعاهدات والعقود التي بين العبد وبين ربه، وبينه وبين العباد، وقد أكد الله أمر العهود بقوله: إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا يعني: الوفاء به.
ولكن أهمها عهد الله، قال -تعالى- وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ .
فعهد الله من أكبر الأمانات التي ائتُمِن عليها العباد، فمن كان مؤمنًا حق الإيمان فإنه يراعي هذه الأمانة في كل حالاته.
أما مَنْ خَفَّ إيمانه فإنك تجده يتهاون في شأنها، ولا يقوم بها، ولا يرعاها حق رعايتها، وهذا في الحقيقة نقص في إيمان العبد، فالعبد ما سماه الله مؤمنًا إلا لأنه المسلم الأمين الذي ائتمن على حقوق ربه وحقوق عباده، وثق من نفسه بها، وقام بها كما ينبغي، هذا هو المؤمن والأمين.

line-bottom