لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
فتن هذا الزمان وكيفية مقاومتها
21649 مشاهدة print word pdf
line-top
شياطين الإنس وشياطين الجن

لما علم الشيطان أنه هالك، وأنه من أهل النار، وأنه سيدخلها لا محالة، حرص على إغواء بني ادم ليدخلوها معه، وأقسم على ذلك، قال تعالى: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [سورة ص، الآيتان: 82 ، 83]
وأخبر الله تعالى بأن للإنس شياطين، قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [سورة الأنعام، الآية: 112] .
فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بشياطين الإنس قبل شياطين الجن! لأن شياطين الإنس هم الذين يدعون إلى ما يدعوا إليه شياطين الجن! يدعون إلى الكفر وإلى البدع وإلى المعاصي كما يدعو الشيطان! وذكر بعض العلماء أن الشيطان يدعو الناس إلى الذنوب: إلى أكبرها، ثم إلى ما يليه، ثم إلى ما يليه. قال ابن القيم في كتابه الذي سماه (بدائع الفوائد)، في آخر المجلد الثاني:
إن الشيطان يدعو الإنسان إلى ستة أشياء، إن حصل على الأول، وإلا انتقل إلى الثاني!
* يدعوه إلى الكفر والشرك! فإذا أوقعه في الكفر والشرك ظفر به واستراح منه.
* وإن عجز عن إيقاعه في الكفر دعاه إلى البدع! فإذا وقع في البدع حسنها له، ورضي وقنع بها منه.
* وإذا عجز عن إيقاعه في البدع! أوقعه في الكبائر!
* وإذا لم يوقعه في الكبائر أوقعه فى الصغائر!
* وإذا لم يقدر على إيقاعه في الصغائر، أوقعه في المباحات حتى تشغله عن الطاعات!
* فإذا عجز عنه، أوقعه في الأعمال المرجوحة وترك الأعمال الراجحة! وهذه مقاصد.
* فإذا عجز عن ذلك كله لم تبق لديه إلا حيلة واحدة لم يسلم منها أحد، ولو سلم منها أحد لسلم أنبياء الله ورسله، وهي تسليط جنوده الذين هم شياطين الإنس، الذي هم إخوانه؛ فيسلطهم على أولئك المتمسكين بدين الله!
وهكذا فإن من دعاة شياطين الإنس كذلك من يدعون إلى الكفر والشرك، ويدعون إلى كبائر الذنوب والإيقاع فيها، وتارة إلى صغائرها، وإذا عجزوا أوقعوا الناس في المباحات، وإذا عجزوا صرفوهم عن الأعمال الفاضلة إلى الأعمال المرجوحة، فإن عجزوا لم يجدوا إلا الأذى باللسان، أو باليد، أو بما قدروا عليه من أنواع الأذى!
فلذلك يأخذ الإنسان حذره من شياطين الجن وشياطين الإنس

line-bottom