قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
75651 مشاهدة print word pdf
line-top
اكتمال الإيمان وتحققه


لا يكمل قول وعمل الإيمان إلا بالنية
ولا قول وعمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة؛ يعني أن القول والعمل قد لا يُقْبَلُ، فمن تكلم مثلا يُرَائِي الناس؛ يعني ذَكَرَ الله حتى يُمْدَحَ، أو صَلَّى يرائي الناس، نيته ليست نية صالحة، ما نفعه قوله، ولا عمله.
لا يكمل قول وعمل ونية الإيمان إلا بموافقة السنة
وكذلك لا قولَ وعملَ ونيةَ إلا بموافقة السنة: فمثلا الذي يعمل ويتكلم ونيته صادقة ولكن عمله مبتدع هذا أيضًا لا ينفعه، ولا يُكْتَبُ له به حسنات، فالكثير من الناس الذين يسعون في البدع ونيتهم يقولون: نيتنا صادقة! نقول: إنهم على باطل.
يقول مثلا: أنا أتبرك وأتمسح بهذا القبر الذي هو قبر وَلِيٍّ من أولياء الله، نيتي صادقة، وهو أنه رجل صالح! نقول: هذا مخالِفٌ للسنة، أو يقول مثلًا: أنا أبني على هذا القبر، وأشيده وكذلك أضع عليه سِرَاجًا وأكتب عليه كتاباتٍ حتى يترحم عليه الناس، يقولون: هذا قبر ولي! نقول: إنك مخالِفٌ للسنة. وكذلك لو قال: أنا أصلي الظُّهْرَ خَمْسَ ركعات، زيادة ركعة أو نحوها! نقول: إنك مخالِفٌ للسنة، ولو كنت تريد الأجر!
أو: أصلي المغرب أربعًا أو نحو ذلك! أو أصلي مثلا الفجر في الضحى! أو أصلي العصر في الليل! نقول: إنك مخالف للسنة.
هذا مسألة الإيمان، أطال فيها العلماء، وقد كتب فيها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كتابه الكبير والصغير؛ كتاب الإيمان الكبير، وكتاب الإيمان الصغير أو المتوسط والصغير، ولكن قالوا: إن الصغير مختصر من الكبير، فهو أوسع مَنْ كتب في ذلك.

line-bottom