إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
112267 مشاهدة
رمي الجمرات وتحقيق العبودية والاتباع

كذلك أيضا نعرف أن هذا الرمي عبادة من العبادات؛ ولأجل ذلك نكون فيه متبعين؛ كل واحدة من الجمرات ترمى بسبع حصيات متعاقبات، وأن هذه الحصيات يتبع فيها الدليل، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم التقط له سبع حصيات مثل حصى الخذف؛ أي مثل الحجارة الصغيرة التي يجعلها بين إصبعيه ويخذف بها. الخذف هو الرمي بالحجر الصغير بين إصبعيه؛ يعني أنه قريب من حصى الخذف، أو أنه مثل حب الفول أو ما أشبهه، فوق الحمص الحمص المعروف، ودون البندق البندق نبات معروف. هذه الحجارة هي الوسط التي يرمي بها.
وأنه صلى الله عليه وسلم لما التقطت له هذه الحصيات قال: بمثل هذا فارموا عباد الله، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ؛ يعني لا تزيدوا، فالذين يرمون بحجارة ملء الكف أو نحوها؛ هؤلاء قد غلوا. وكذلك الحجارة الكبيرة التي كبعر الإبل أو كبيض الدجاج هؤلاء أيضا قد غلوا وقد زادوا، وإنما يتبعون ما جاءت به السنة من الرمي بهذه الحجارة التي مثل حصى الخذف، ويعلمون أن هذا إنما هو لذكر الله.
كذلك الذين يرمون هذا الشاخص بالأحذية، ويدعون أنهم بذلك يضرون الشيطان. في الحقيقة أنهم قد خالفوا السنة، ومن خالف السنة فقد اتبع ما يهواه الشيطان، إنما الاتباع هو ما ذكرنا من الرمي. على هذا الرمي يكون بسبع حصيات توجه نحو المرمى الذي هو الشاخص أو الحوض، فإذا وقعت في الشاخص التي هو العمود المبنية المرتفعة، أو كذلك وقعت في الحوض أجزأت، وعليه أن يوجهها، ولا يلزمه أن يلاحظها حتى تقع؛ فإن عليه مشقة في ذلك، وقد تشتبه حجرته بحجارة غيره؛ لكثرة الذين يرمون، فبهذا يكون ممتثلا لما أمر الله تعالى به.
وقد ورد أيضا أن بعض الصحابة رجعوا مرة، وبعضهم يقول: رميت بسبع، وبعضهم يقول: رميت بست؛ فلم يعنفهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل للذين رموا بست ارجعوا فكملوا، بل اعتبر سقوط واحدة عذرا، وأنها تجزئ الست.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا نقص حجرين أنه يتصدق بطعام مسكينين عن كل واحدة. ولعل ذلك من باب الاجتهاد. والصحيح أنه يمكنه أن يتداركه؛ فإذا مثلا رميت بالأمس ولم ترم إلا بخمس أو بأربع؛ فإن عليك أن تذهب إلى تلك الجمرة التي نقصت من رميها، وتكمل ما بقي، وترمي ما بعدها. فإذا نقصت من الوسطى ثلاثا؛ ففي هذا اليوم تأتي وتكمل ترمي الثلاثة التي من الوسطى، وتعيد الكبرى؛ وذلك لأن رميها ما كمل؛ لأنه ما كمل الذي قبلها، وإذا رميت كملتها بسبع تعود وترمي الثلاث عن هذا اليوم بسبع وسبع وسبع حتى يكون الجمرات منتظمة يعني مرتبة على ترتيبها الوضعي، هكذا ذكر العلماء.
كذلك أيضا لا بد من -كما ذكرنا- معرفة الحكمة التي هي ذكر الله تعالى. لو نسي الإنسان التكبير؛ فإنه يعتبر قد أتى بالفعل ويسقط عنه الرمي، ولكن يتذكر أن عليه أن يكبر. ويقول بعض العلماء: إن له أن يسمي فيقول: بسم الله الله أكبر. وإن لم يذكر التسمية أجزأه ذلك.